فأجاب بقوله:"وقد ثبت طهارتها" أي طهارة البئر "في حال ما" أي في حال من الأحوال وهي حالة النزح؛ لأن نزح ماء البئر كالجريان في غيرها فكما تثبت الطهارة في الماء الجاري بجريانه وإنْ وقعت فيه نجاسة فكذلك البئر تثبت لها طهارة بالنزح، فحينئذ كل من كان أوجب نجاستها بوقوعها فيها فقد أوجب طهارتها بواسطة ذلك النزح وإنْ لم ينزح ما فيها من طين وحمأة كما في قضية زمزم حيث حكم ابن الزبير وابن عباس بعد نزح مائها كلها بطهارتها ولم يحكما بنزح طينها وحماءتها، ثم لما كان بقاء طينها فيها لا يوجب نجاسة ما ينبع فيها من الماء الجديد بعد النزح وقلع الماء النجس وإنْ كان ذلك الماء الجديد يجري على ذلك الطين كان إذا ماسّ حيطانها أحرى وأولي ألَّا ينجس.
قوله:"إذا ماسّ" بتشديد السين وأصله ماسس لأنه من باب المفاعلة الذي فيه الاشتراكة بين اثنين، وثلاثيه "مسّ" فلما نقل إلى باب المفاعلة لذلك المعنى أدغمت السين في السين ومضارعه يماسّ مماسّة ومساسا كما تقول: مادّ يمادّ مماددة ومدادا.
قوله:"أحرى" بمعنى "أولى" ومنه يقال: هو حَري أن يفعل ذلك -بفتح الراء- أي خليق وجدير، لا يثني ولا يجمع، وإذا قلت: هو حَريّ -بكسر الراء على وزن فعيل- يُثَنَّي، ويجمع ويذكر ويؤنث، تقول: هما حَريّان، وهم حَريّون وأحرياء، وهي حَريّة، وهن حَريّات وحَرَايا.
قوله:"ولو كان ذلك مأخوذا من طريق النظر" أي ولو كان الحكم بطهارة البئر النجسة بعد إخراج مائها مأخوذا من طريق القياس ... إلى آخره.
وعن هذا قال أصحابنا: إذا طهرت البئر يطهر طينها وحماءتها ودلوها ورشاها.