بطن الحوت، فكانت نجاته عند العصر، فصلى أربعًا شكرًا لله تعالى تطوعًا منه، ففرض الله علينا، فقال: عبدى، الأصل العصر أربعًا لأنجيك من ظلمة الخطايا كما أنجيته من بطن الحوت، ومن ظلمة القيامة كما أنجيته من ظلمة الماء، ومن ظلمة جهنم كما أنجيته من ظلمة الليل، ومن ظلمة القبر كما أنجيته من ظلمة الزلة.
وأما المغرب فأول من صلاها عيسى بن مريم عليهما السلام حين أخبره الله تعالى: أن قومك يدعونني ثالث ثلاثة فصلى حينئذ ثلاث ركعات، وكان بعد غروب الشمس، فالركعة الأولى: لنفي الألوهية عن نفسه، والثانية: لنفيها عن والدته، والثالثة: لإثبات الألوهية لله تعالى، فإذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى:{أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ}(١) قال: فعند ذلك يهون عليه الحساب وتنجيه من النار، وتؤمنه من الفزع الأكبر، فأمرنا الله بها ليهون علينا الحساب، وينجينا من النار كما أنجاه، ويؤمننا من الفزع الأكبر كما فعل به.
وأما العتمة فأول من صلاها موسى - عليه السلام -، حين ضل عن الطريق عند خروجه من المدين، وكان في غم المراة، وغم أخيه هارون، وغم عدوه فرعون، وغم أولاده؛ فنجاه الله تعالى من ذلك كله، وسمع مناديًا ينادي: إني أنا ربك يعني هاديك، أجمع بينك وبين أخيك، وأظفرك على عدوك، فلما سمعه وكان وقت العتمة صلى أربع ركعات لكل حالة ركعة، فأمرنا الله تعالى بذلك، فقال: عبدي، صلى العتمة أربعًا لأهديك كما هديته، وأكفيك كما كفيته، وأجمع بينك وبين الأنبياء عليهم السلام والصديقين كما جمعت بينه وبين هارون، فأعطيك الظفر على عدوك إبليس اللعين، كما أعطيته على عدوه فرعون، فلذلك كانت الصلاة في الأوقات مختلفة انتهى.
وفيه مسائل:
لم سميت الصلاة صلاة؟ أجيب: لأن فيها الدعاء، والصلاة: الدعاء في اللغة.
وقيل: لأن فيها الصلاة على الرسول - عليه السلام -، وقيل: لأن تاركها يصلى النار،