للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: زدني، فقال: قالت الحكماء: لأن كل صلاة صلاها نبي من الأنبياء عليهم السلام في وقتها فادخرها الله تعالى لأمه محمد - عليه السلام - لينالوا فضل أولئك الأنبياء.

فأما الفجر فإنما كان ركعتين؛ لأن أول من صلاها أبونا آدم - عليه السلام -، ولما أخرج من الجنة أظلمت عليه الدنيا، وجنَّ الليل ولم يكن رآه قبل ذلك، فخاف من ذلك خوفًا شديدًا، فلما أصبح وانشق الفجر صلى ركعتين شكرًا لله تعالى، الأولى منها شكرًا لله لنجاته من ظلمة الليل، والثانية شكرًا لضوء النهار، وكان منه تطوعًا، فأمرنا الله تعالى بذلك ليذهب به عنا ظلمة المعاصي، كما أذهب عنه ظلمة الليل، وينور علينا نور الطاعة كما نور عليه نور النهار.

وأما صلاة الظهر أربع ركعات؛ لأن أول من صلاها إبراهيم الخليل - عليه السلام - لما أمر بذبح الولد، ثم نودي {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} (١) وكان النداء عند الزوال، ونظر إبراهيم - عليه السلام - إلى الفداء وكان في أربعة أحوال:

حال الذبح، فرفعه الله عنه بالفداء.

وحال غم الولد؛ فكشف الله عنه ذلك.

وحال النداء الذي ناداه الله تعالى وفدا عنه: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (٢).

وحال رضي الله عنه وصلى عند ذلك أربع ركعات كل ركعة شكرا لما صنع من صنائعه، فأمرنا الله تعالى بذلك، فقال: صلوا أربع ركعات الظهر لأوفقكم على ذبح إبليس اللعين، كما وفقت خليلي بذبح الولد، وأنجيكم من الغم كما نجيته، وأفدي لكم من النار كما فديت عنه، وأرضى عنكم كما رضيت عنه.

وأما صلاة العصر فأول من صلاها يونس - عليه السلام - حين أنجاه الله تعالى من بطن الحوت، فكان في أربع ظلمات: ظلمة الزلة، وظلمة الماء، وظلمة الليل، وظلمة


(١) سورة الصافات، آية: [١٠٥].
(٢) سورة الصافات، آية: [١٠٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>