وقال ابن المنذر: وقد روينا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن الزبير وابن عمر وأبي هريرة أخبارًا تدل على أن التغليس أفضل من تأخيرها.
قلت: وسنذكر عن عمر وعلي وعثمان وأبي موسى وابن عمر ما يخالف هذا.
وقال ابن حزم: وتعجيل جميع الصلوات في أول أوقاتها، أفضل على كل حال حاشى العتمة؛ فإن تأخيرها إلى آخر وقتها في كل حال وكل زمان أفضل، إلا أن يشق ذلك على الناس فالرفق بهم أولى، وحاشى الظهر للجماعة خاصة في شدة الحر خاصة، فالإبراد بها إلى آخر وقتها أفضل.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: بل الإسفار بها أفضل من التغليس.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري وإبراهيم النخعي وطاوسًا وسعيد بن جبير وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وأكثر العراقيين وفقهاء الكوفة وأصحاب ابن مسعود - رضي الله عنهم - فإنهم قالوا: بل الإسفار بالصبح أفضل من التغليس، وقالوا: الإسفار قوة الضوء. وهو أيضًا اختيار ثعلب وغيره من اللغوين، يقال: أسفرت المرأة إذا ألقت خمارها عن وجهها، وأسفر وجهها إذا أضاء، وقال الجوهري: معنى اسفروا بالفجر: أي صلوها مسفرين، ويقال: طولوها إلى الإسفار.
وقال ابن طريف: أسفر الليل: انقضى انكشفت ظلمته. وفي "المغيث": أسفر الصبح: انكشف، وفي "الأساس" للزمخشري: وخرجوا في السفر: في بياض الفجر، ورُحْ بنا بسفر: ببياض قبل الليل، وفي المجاز: وجه مسفر: مشرق سرورًا، قال تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ}(١)، وفي "المعرب": أسفر الصبح: أضاء، وأسفر بالصلاة أي صلاها بالإسفار، وقال في "المحيط": إذا كانت السماء مُصْحية فالإسفار أفضل إلا للحاج بمزدلفة، فهناك التغليس أفضل، وعمم في "المبسوط" فقال: الإسفار أفضل من التغليس في الأوقات كلها، وقال الطحاوي: