إن كان من عزمه التطويل يشرع في التغليس ليخرج في الإسفار، قال: وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه، وفي كتاب "الأسرار" للدبوسي: لا يباح التأخير لمن ينام في بيته بعد الفجر بل يحضر المسجد لأول الوقت، ثم ينتظر الصلاة، ثم يصلي لآخر الوقت؛ إذ لو صلى لأول الوقت قَلَّ ما يمكنه اللبث والمقام إلى طلوع الشمس فلا ينشغل بعد الفراغ بحديث الدنيا.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول: "حجَّ عبد الله، فأمرني علقمة أن ألزمه، فلما كانت ليلة المزدلفة فطلع الفجر، قال: أقم، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إن هذه لساعة ما رأيتك تصلي فيها قط، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم، قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس من المزدلفة، وصلاة الغداة حين يبزغ الفجر، ورأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك".
وحدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا الفريابي قال: ثنا إسرائيل، قال: ثنا أبو إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال:"خرجت مع عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - إلى مكة، فصلى الفجر يوم النحر حين سطع الفجر، ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن هاتين الصلاتين تحولان عن وقتهما في هذا المكان: المغرب، وصلاة الفجر في هذه الساعة".
ش: أي احتج الآخرون فيما ذهبوا إليه من فضيلة الإسفار بالفجر؛ بحديث عبد الله بن مسعود.
وأخرجه من ثلاث طرق صحاح:
الأول: عن روح بن الفرج القطان أبي الزنباع المصري، عن عمرو بن خالد ابن فروخ الحنظلي أبي الحسن الجزري الحراني أحد مشايخ البخاري وأبي زرعة وأبي حاتم الرازيين.