قوله:"حين يبزغ الفجر" أي حين يطلع يقال: بزغت الشمس، وبزغ القمر، وغيرهما، إذا طلعت، والبزوغ: الطلوع.
قوله:"حتى يعتموا" أي حتى يدخلوا في وقت العتمة، وهي العشاء.
قوله:"فأوضع الناس" من وضع البعير يضع وضعا، وأوضع راكبه إيضاعًا: إذا حمله على سرعة السير.
قوله:"على العَنَق" وهو ضرب من السير، قال الجوهري: العنق ضرب من سير الدابة والإبل، وهو سير مستطرّ، أي ممتد.
وهذا يدل على استحباب الإسفار بالفجر؛ لأن عبد الله لما صلى الفجر يومئذ في أول وقته استعجبه عبد الرحمن بن يزيد؛ لأن عهده أنه يسفر بالفجر دائمًا، ولهذا قال: إن هذه لساعة ما رأيتك تصلي فيها قط، وقال ابن مسعود في جوابه: إن رسول الله - عليه السلام - كان لا يصلي هذه الساعة -يعني في أول الفجر- إلا هذه الصلاة -يعني صلاة الصبح- في هذا المكان -يعني في مزدلفة- في هذا اليوم -يعني يوم النحر- فدل ذلك أن رسول الله - عليه السلام - كان لا يصلي الفجر دائمًا إلا في الإسفار إلا في يوم مزدلفة؛ فإنه كان يغلس بها فيها، لتدارك الوقوف، ولا يعارضه حديث أبي مسعود البدري:"أنه - عليه السلام - صلى الصبح بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك بالغلس حتى مات - عليه السلام - لم يعد إلى أن يسفر". من وجهين:
الأول: أن في إسناده أسامة بن زيد قد تكلموا فيه، فقال أحمد: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال النسائي والدارقطني: ليس بالقوي. فلا يعارض حديث ابن مسعود؛ لكون رجاله ثقاتًا من رجال الصحيحين.
الوجه الثاني: أن ابن مسعود أخبر بحال الرسول - عليه السلام - من أبي مسعود؛ لشدة ملازمته رسول الله - عليه السلام -، وكان حامل نعله، ولا يفارقه، وهو أكثر اطلاعًا من غيره في أمور عباداته واختياره الأوقات المستحبة فيها.