للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي مسعود البدري الذي فيه "وصلى الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى، أن يسفر" فجوابه: أن هذا من أسامة بن زيد وهو متكلم فيه فقال أحمد: ليس بشىء. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال النسائي والدارقطني: ليس بقوي.

ويرده أيضًا ما أخرجه البخاري (١)، ومسلم (٢): عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "ما رأيت رسول الله - عليه السلام - صلى صلاة لغير وقتها إلا بجمع، فإنه جمع بين المغرب والعشاء بجمع، وصك صلاة الصبح من الغد قبل وقتها". قالت العلماء: يعني قبل وقتها المعتاد في كل يوم، لا أنه صلاها قبل طلوع الفجر، ولم يقل به أحد، وإنما معناه أنه غلس بها جدًّا.

وتوضحه رواية البخاري (٣) و"الفجر حين بزغ" وهذا دليل قاطع على أنه - عليه السلام - كان يسفر بالفجر دائمًا وقلَّما صلاها بغلس فأين البيهقي من هذا المعنى.

وأما قوله: "ولم يعلم أن بعضهم كانوا يخرجون منها بغلس" كما روينا عنهم فقول يشبه القول الأول، وكيف لا يعلم وقد روى هو أيضًا مثل ما روى البيهقي: "أنهم كانوا يخرجون منها مغلسين" ولكن لا يضره ذلك ولا يدفع كلامه؛ لأنه قد يجوز أن يكون ذلك منهم مع علمهم أن الإسفار أفضل لأجل التوسعة، أو لأجل عارض قد عرض لهم ومنعهم عن مد الصلاة بتطويل القراءة إلى أن ينصرفوا منها مسفرين، كما ذكر فيما مضى، غاية ما في الباب أن أخبار التغليس التي رويت عن النبي - عليه السلام - وعن الصحابة مِنْ بعده تدل على الإخبار بالوقت الذي صلوا فيه، أي وقت هو وليس فيه شيء يدل على الأفضلية كما يدل حديث رافع - رضي الله عنه -.

وأما قوله: "وقال عمرو بن ميمون الأودي" فيعارضه ما روى السائب بن يزيد


(١) "صحيح البخاري" (٢/ ٦٠٤ رقم ١٥٩٨).
(٢) "صحيح مسلم" (٢/ ٩٣٨ رقم ١٢٨٩).
(٣) "صحيح البخاري" (٢/ ٦٠٢ رقم ١٥٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>