للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متقدم على حكم الإطالة، بيان ذلك: أن تغليس النبي - عليه السلام - وانصراف النساء المؤمنات منها ولا يعرفن من الغلس، كان في الوقت الذي كان يصليها - عليه السلام - فيه على مثال ما يصلى فيه الآن في السفر بتخفيف القراءة، ثم أَمَر رسول الله - عليه السلام - بإطالة القراءة بقوله: "أسفروا" أي أطيلوا القراءة بالصبح لتخرجوا منها مسفرين، فحينئذٍ نسخ هذا المتأخر ذلك المتقدم، والله أعلم.

وأما قوله: "وروينا عن جابر في حديث مخرج في الصحيحين" فغير دالٍّ على مدعاه؛ لأنه إخبار عن الوقت الذي كان صلى فيه النبي - عليه السلام - أيّ وقت هو؟ وليس فيه شيء يدل على الأفضلية.

وأما قوله: "وفي حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه -" فقد مَرَّ جوابه الآن مستوفى.

وأما قوله: "والطريق الصحيح ... " إلى آخره، طريق غير صحيح؛ لأن الأحاديث التي وردت في الإخبار عن تغليس النبي - عليه السلام - وبعض أصحابه بالصبح ليس فيها ما يدل على الأفضلية، فإن عارضونا في ذلك، بأن أكثر فعلهم يدل على الأفضلية، فعارضناهم بالأوامر التي وردت بالإسفار؛ لأن أقل درجات الأمر تدل على الفضيلة، ولا سيما إذا قارن بها الفعل أيضًا.

وأما قوله: "ويحمل حديث رافع على تبيين الفجر باليقين". فمردود؛ لأن الغلس الذي يقولون به هو اختلاط ظلام الليل بضياء النهار كما ذكره أهل اللغة وقبل ظهور الفجر لا تصح صلاة الفجر؛ فثبت أن المراد بالإسفار إنما هو التنوير.

والدليل عليه ما روى ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وأبو داود الطيالسي، في مسانيدهم، والطبراني في "معجمه" (١). فقال الطيالسي: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المدني، وقال الباقون: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، ثنا إسماعيل بن إبراهيم المدني، ثنا هُرَير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج، سمعت جدي رافع ابن خديج


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>