العصر ما كان ثابتًا فلا يدخل بالشك، وأما حديث ابن عباس وجابر وغيرهما فلا يدل على أن لا يكون ما وراء وقت الإمامة وقتًا للظهر ألا ترى أن جبريل - عليه السلام - أَمَّ للفجر في اليوم الثاني حين أسفر والوقت يبقى بعده إلى طلوع الشمس، وكذلك صلى العشاء حين ذهب ثلث الليل والوقت يبقى بعده إلى طلوع الفجر.
وأما الجواب عن حديث أنس وما يشابهه محمول على أن ذلك كان في وقت الصيف، أو كان ذلك في وقت مخصوص لعدد، والأفضل عند أصحابنا أن يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية لم يدخلها تغير في الشتاء والصيف جميعًا، قاله في "البدائع" لما روي عنه - عليه السلام -: "كان يؤخر العصر ما دامت بيضاء نقية".
أخرجه أبو داود (١) وهذا فيه بيان تأخره العصر؛ ولأن في تأخيره تكثير النوافل؛ لأن النافلة بعدها مكروهة.
ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا مالك، عن إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس - رضي الله عنه - قال:"كنا نصلي العصر، ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف فيجدهم يصلون العصر".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا ابن المبارك، قال: ثنا مالك بن أنس، قال: حدثني الزهري وإسحاق بن عبد الله، عن أنس بن مالك:"أن النبي - عليه السلام - كان يصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلي قباء -قال أحدهما: وهم يصلون، وقال الآخر-: والشمس مرتفعة".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد اللهَ بن يوسف، قال: ثنا مالك، عن الزهري، عن أنس (ح).
وحدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن ابن شهاب، عن أنس، قال:"كنا نصلي العصر، ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيهم والشمس مرتفعة".