للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكبيه" وفي أخرى: "حتى يحاذي بهما أذنيه" (١) وفي أخرى: "فروع أذنيه" (٢) وفي أخرى: "فوق أذنيه مدًّا مع رأسه" (٣)، وفي أخرى: "إلى صدره" (٤) وبحسب هذه الروايات اختلف العلماء في الاختيار من فعلها، فذهبت عامّة أئمة الفتوى إلى الرواية الأولى، وهي أن يرفعهما حذو منكبيه، وهو أصح قولي مالك وأشهره، والرواية الأخرى عنه إلى صدره، وذهب ابن حبيب إلى رفعهما حذو أذنيه، وقد يجمع بين الأحاديث وبين الروايتين عن مالك بأن يكون بمقابلة أعلى صدره، وكفَّاه حذو منكبيه، وأطراف أصابعهما مع أذنيه، وإلى هذا ذهب بعض مشايخنا، ونحوه للشافعي إلا ذكر الصدر وهو صفة ما جاء في الحديث. وتجتمع الأحاديث إلا في زيادة الرواية الأخرى: "فوق رأسه".

وقال بعضهم: هو على التوسعة، وقال أبو عمر: هذه الروايات كلها مشهورة دالّة على التوسعة، ويقال: يرفعها إلى أن يجاوز رأسه، وهو المنقول عن طاوس أيضًا.

وبقي الكلام ها هنا من وجوه:

الأول: في نفس رفع اليدين قال ابن المنذر: لم يختلفوا أن رسول الله - عليه السلام - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وفي "شرح المهذب": أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين في تكبيرة الافتتاح ونقله ابن المنذر، ونقل العبدري عن الزيدية: أنه لا يرفع يديه عند الإحرام، ولا يعتد بهم، وفي فتاوى القفال: أن أبا الحسن أحمد ابن سيّار المروزي قال: إذا لم يرفع يديه لم تصح صلاته؛ لأنها واجبة، فوجب الرفع لها، بخلاف باقي التكبيرات لا يجب الرفع؛ لأنها غير واجبة، وقال النووي: وهذا مردود بإجماع من قبله، وقال ابن حزم: رفع اليدين في أول الصلاة فرض لا تجزئ الصلاة إلا به، وقد روي ذلك عن الأوزاعي.


(١) "المجتبى" (٢/ ١٢٢ رقم ٨٧٩).
(٢) "صحيح مسلم" (١/ ٢٩٣ رقم ٣٩١).
(٣) انظر "التمهيد" لابن عبد البر (٩/ ٢٢٩).
(٤) "شرح معاني الآثار" (١/ ١٩٦ رقم ١٠٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>