للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المذكور في أول الباب الذي احتجت به طائفة فقالوا: ينبغي للمصلي أن يرفع يديه مدًّا ولم يعينوا فيه شيئًا، وبين حديثي علي وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - الذين احتج بهما طائفة، فقالوا: يرفع يديه إلى منكبيه ولا يجاوزهما عنهما، فكل من الطائفتين عمل بحديث وترك حديثًا، وأشار الطحاوي إلى أن العمل بالحديثين أولى من العمل بأحدهما وإهمال الآخر، وذلك بالتوفيق بينهما، ووجهه أن يقال: إن في حديث أبي هريرة لم يبين موضع المدِّ، فيجوز أن يكون المراد به أن يبلغ إلى المنكبين، فيكون أحد الحديثين كالتفسير للآخر ولا يكون بينهما تضاد، أو يحمل كل منهما على معنىً، وهو أن حديث أبي هريرة يحمل على رفع يدٍ عند القيام إلى الصلاة لأجل الدعاء وهو معنى قوله: "على رفعٍ عند القيام للصلاة للدعاء" فاللام في الصلاة تتعلق بالقيام، واللام في الدعاء تتعلق برفع، وحديث علي وابن عمر يحمل على رفع يديه مرة أخرى للشروع في الصلاة، فيكون معنى كل من الحديثين في محل غير محل الآخر، فلا يقع بينهما تضاد، لاختلاف المحلين. فافهم.

ص: وخالف في ذلك آخرون، فقالوا: ترفع الأيدي في افتتاح الصلاة حتى يحاذى بهما الأذنان.

ش: أي خالف الحكم المذكور جماعة آخرون، وأراد بهم: عطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وأبا ميسرة ووهب بن منبه وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وأحمد -في رواية- وجماعة من المالكية؛ فإنهم قالوا: ترفع الأيدي في افتتاح الصلاة حتى يحاذي بهما الأذنان، وروي ذلك عن البراء بن عازب ومالك بن الحويرث ووائل بن حجر وأبي حميد الساعدي وأبي جعفر وأبي إسحاق وآخرين.

ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكر، قال: أنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان، قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، عن البراء بن عازب قال: "كان النبي - عليه السلام - إذا كبر لافتتاح الصلاة رفع يديه حتى يكون إبهاماه قريبًا من شحمتي أذنيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>