فأخبر وائل بن حجر في حديثه هذا أن رفعهم إلى مناكبهم إنما كان لأن أيديهم كانت حينئذٍ في ثيابهم، وأخبر أنهم كانوا يرفعون إذا كانت أيديهم ليست في ثيابهم إلى حذو آذانهم، فأعلمنا روايتيه كلتيهما، فجعلنا الرفع إذا كانت اليدان في الثياب لعلة البرد إلى منتهى ما استطاع الرفع إليه وهو المنكبان، وإذا كانتا باديتين رفعهما إلى الأذنين كما فعل النبي - عليه السلام -، ولم يجز أن يحمل حديث ابن عمر وما أشبهه مما فيه ذكر رفع اليدين إلى المنكبين كان ذلك واليدان باديتان إذ كان قد يجوز أن يكونا كانتا في الثياب، فيكون ذلك مخالفًا لما روى وائل بن حجرة فيتضاد الحديثان، ولكنا نجعلهما على الاتفاق فنجعل حديث ابن عمر على أن ذلك كان من النبي - عليه السلام - ويداه في ثوبه -على ما حكى وائل في حديثه- ونجعل ما رواه وائل عن النبي - عليه السلام - لأ أنه فعله في غير حال البرد من رفعه يديه إلى أذنيه، فيستحب القول به وترك خلافه.
وأما ما رويناه عن عليّ - رضي الله عنه - عن النبي - عليه السلام - في ذلك فهو خطأ، وسنبين ذلك في باب رفع اليدين في الركوع إن شاء الله تعالى.
فثبت بتصحيح هذه الآثار ما روى وائل عن النبي - عليه السلام - على ما فصلنا مما فعل في حال البرد وفي غير حال البرد، وهو قول أبي حنيفة وأيى يوسف ومحمد بن الحسن - رضي الله عنه -.
ش: ملخصه: أن الأحاديث في هذا الباب رويت على ثلاثة أنواع وبينها تضاد ظاهرًا وهي حديث أبي هريرة الذي فيه رفع اليدين مدًّا، وحديث علي وابن عمر - رضي الله عنهم - الذي فيه رفعهما حذو منكبيه، وحديث البراء ووائل بن حجر ومالك بن الحويرث - رضي الله عنه - الذي فيه رفعهما إلى الأذنين، وقد بين فيما مضى أن حديث أبي هريرة غير مخالف لحديث ابن عمر، وبقي الكلام بين حديث ابن عمر، وحديث وائل، ومن روى مثله فينبغي أن يُنظر بينهما ويُوفق؛ دفعًا للتضاد، ورفعًا للخلاف بينهما؛ فنظرنا فوجدنا شريك بن عبد الله النخعي القاضي روى عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل ... الحديث، فأخبر وائل فيه أن رفعهم أيديهم إلى مناكبهم إنما كان