لكونها في ثيابهم، وأخبر في حديثه الآخر أنهم كانوا يرفعونها إلى حذو آذانهم إذا لم تكن في ثياب، فحملنا الرفع إلى مناكبهم فيما جاء من الأحاديث على حالة كون الأيدي في الثياب، والرفع إلى آذانهم فيما جاء أيضًا من الأحاديث على حالة كون الأيدي بادية أي ظاهرة، فبذلك يحصل الاتفاق بين الحديثين، ويرفع التضاد، وهذا هو الأصل في تصحيح معاني الآثار.
قوله:"فأعلمنا" من الإعلام أي أعلمنا وائل بن حجر روايتيه المتقدمتين.
قوله:"باديتين" أي ظاهرتين مكشوفتين.
قوله:"كان ذلك واليدان باديتان" الواو في "واليدان" للحال، وهذا تركيب قلق ولابد من التقدير فيه وهو: أن الأصل "أنْ كان ذلك". وأنْ مصدرية، والتقدير لم يجز أن يحمل حديث ابن عمر وما أشبهه مما فيه رفع اليدين إلى المنكبين على كون ذلك والحال أن اليدين باديتان.
قوله:"إذ كان قد يجوز" وكلمة "إذا" للتعليل.
قوله:"فيكون ذلك" عطف على قوله: "أن يحمل". فافهم.
ثم إسناد حديث شريك هذه صحيح.
وأخرجه أبو داود: ثنا عثمان بن أبي شيبة، نا شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر قال:"رأيت النبي - عليه السلام - حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه، قال: ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة وعليهم برانس وأكسية". انتهى.
قوله:"الأكسية" جمع كساء.
و"البرانس" جمع بُرْنُس -بضم الباء الموحدة وبعد الراء الساكنة نون مضمومة ثم سين مهملة -وهو كل ثوب له رأس ملتزق به، دراعة كانت أو جبة أو غير ذلك، كان يلبسه العباد وأهل الخير، وهو عربي اشتق من "البِرْنس" بكسر الباء وسكون الراء، وهو القطن، والنون زائدة وقيل: إنه غير عربي.