للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس كذا وكذا، يشير به إليه، ويشنع به عليه، وكيف يخلي كتابه من أحاديث الجهر بالبسملة، وهو يقول في أول كتابه: باب الصلاة من الإيمان، ثم يسوق أحاديث الباب، ويقصد الرد على أبي حنيفة قوله: إن الأعمال ليست من الإيمان. مع غموض ذلك على كثير من الفقهاء؟!

ومسألة الجهر يعرفها عوام الناس ورعاعهم، ولو حلف الشخص بالله أيمانًا مؤكدة، إنه لو اطلع على حديث منها موافق لشرطه أو قريب من شرطه لم يخل منه كتابه، ولا كذلك مسلم، ولئن سلمنا فهذا أبو داود والترمذي وابن ماجه مع اشتمال كتبهم على الأحاديث السقيمة والأسانيد الضعيفة لم يخرجوا منها شيئًا، فلولا أنها عندهم واهية بالكلية لما تركوها.

وقد تفرد النسائي (١) منها بحديث أبي هريرة الذي رواه نعيم المجمر، وهو أقوى ما فيها عندهم، وقد بيَّنَّا ضعفه من وجوه والله أعلم.

فإن قيل: أحاديث الجهر تقدم على أحاديث الإخفاء بأشياء:

منها: كثرة الراوين فإن أحاديث الإخفاء رواها اثنان من الصحابة أنس بن مالك، وعبد الله بن مغفل، وأحايث الجهر رواها أربعة عشر صحابيًا.

ومنها: أن أحاديث الإخفاء شهادة على نفي، وأحاديث الجهر شهادة على الإثبات، والإثبات مقدم على النفي.

ومنها: أن أنسًا قد روي عنه إنكار ذلك في الجملة.

فروى أحمد، (٢) والدارقطني (٣) من حديث سعيد بن زيد بن أبي مسلمة قال: "سألت أنسًا كان رسول الله - عليه السلام - يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم أو الحمد لله رب العالمين؟ قال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظ أو ما سألني أحد قبلك.


(١) "المجتبى" (٢/ ١٣٤ رقم ٩٠٥).
(٢) "مسند أحمد" (٣/ ١٩٠ رقم ١٢٩٩٧).
(٣) "سنن الدارقطني" (١/ ٣١٦ رقم ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>