للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف يُعل الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في "صحيحه" بالحديث الضعيف الذي رواه الدارقطني عن كذاب متروك لا شيء، وهلَّا جعلوا الحديث الصحيح علة للضعيف، ومخالفة أصحاب أبي هريرة الثقات الأثبات لنعيم؛ موجبًا لردِّه، إذ مقتضى العلم أن يعلل الحديث الضعيف بالحديث الصحيح، كما فعلنا نحن والله أعلم.

ص: وقالوا: وأما حديث أم سلمة الذي رواه ابن أبي مليكة، قد اختلف الذين رَوَوْه في لفظه، فرواه بعضهم على ما ذكرنا، ورواه آخرون على غير ذلك.

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن عبد الله ابن عبيد الله بن أبي مليكة، عن يعلى: "أنه سأل أم سلمة - رضي الله عنه - عن قراءة النبي - عليه السلام -، فنعتت له قراءة مفسرة حرفًا حرفًا".

فقالوا: ففي هذا أن ذكر قراءة بسم الله الرحمن الرحيم من أم سلمة تنعت بذلك قراءة رسول الله - عليه السلام - لسائر القرآن كيف كانت، وليس في ذلك دليل أن رسول الله - عليه السلام - كان يقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فمعنى هذا غير معنى حديث ابن جريج، وقد يجوز أيضًا أن يكون تقطيع فاتحة الكتاب الذي في حديث ابن جريج كان من ابن جريج أيضًا حكايته منه للقراءة المفسرة حرفًا حرفًا، التي حكاها الليث عن ابن أبي مليكة، فانتفى بذلك أن يكون في حديث أم سلمة ذلك حجة لأحد.

ش: أي قال أهل المقالة الثانية في الجواب عن حديث أم سلمة الذي احتج به أهل المقالة الأولى، بيانه: أن إسناد هذا الحديث مضطرب؛ لأن بعضهم رواه عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة على ما ذكره الطحاوي في أول الباب في بيان استدلال أهل المقالة الأولى، وبعضهم رواه عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مالك عن أم سلمة، وهذا أصح من الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>