للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذا عثمان - رضي الله عنه - يخبر في هذا الحديث أن {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} لم تكن عنده من السور، وأنه إنما كان يكتبها في فصل السور، وهي غيرهن؛ فهذا خلاف ما ذهب إليه ابن عباس - رضي الله عنهما - من ذلك.

ش: أشار بهذا إلى دليل يدل على أن البسملة ليست من أوائل السور، فإذا لم تكن من السور لم تكن من الفاتحة أيضًا؛ لأنها من السور، وهو أيضًا خلاف ما ذهب إليه ابن عباس، وهو الذي أخرجه عن علي بن شيبة بن الصلت السدوسي، عن هوذة بن خليفة بن عبد الله الثقفي البكراوي بن الأشهب البصري، وثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ليس به بأس.

عن عوف بن أبي جميلة العبدي، المعروف بالأعرابي، روى له الجماعة.

عن يزيد الفارسي البصري، وقيل: إنه يزيد بن هرمز المدني، والصحيح أنه غيره، وفي بعض النسخ: يزيد الرقاشي، وليس بصحيح؛ لأن يزيد الرقاشي يزيد بن أبان الرقاشي، وهو لم يدرك ابن عباس، وإنما روى عن أنس بن مالك، وكلاهما من أهل البصرة، ويزيد الفارسي أقدم من يزيد الرقاشي، وروى له مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي.

وهذا إسناد صحيح، وأخرجه أبو داود (١): ثنا عمرو بن عون، أنا هشيم، عن عوف، عن يزيد الفارسي، قال: سمعت ابن عباس قال: "قلت لعثمان: ما حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين، وإلى الأنفال وهي من المثاني فجعلتموهما في السبع الطول ولم تكتبوا بينهما سطر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؟ قال عثمان - رضي الله عنه -: كان النبي - عليه السلام - مما تنزل عليه الآيات، فيدعو بعض من كان يكتب له، ويقول: ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وتنزل عليه الآية والآيتان فيقول مثل ذلك، وكانت الأنفال من أول ما نزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فمن هناك وضعتهما في السبع الطول ولم أكتب بينهما سطر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ".


(١) "سنن أبي داود" (١/ ٢٦٨ رقم ٧٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>