آيات، ولم يقل به أحدة فالنظر على ذلك ينبغي أن لا تعد البسملة آية من الفاتحة أيضًا، قياسًا على غيرها من السور، ويكون كونها سبع آيات من غير البسملة، فعلى هذا الوجه إذا جعلت البسملة من الفاتحة يلزم أن تكون الفاتحة ثمان آيات، ولم يقل به أحد.
فإن قيل: إنما عدوا آيات السور سوى البسملة لأنه لا إشكال فيها عندهم.
قلت: فحينذ لا يجوز لهم أن يقولوا: سورة الإخلاص أربع آيات، وسورة الكوثر ثلاث آيات، والثلاث والأربع إنما هي بعض السور، ولو كان كذلك لوجب أن يقولوا في الفاتحة: إنها ست آيات.
ثم معنى قوله:{سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي}(١) أي: سبع آيات، وهي الفاتحة، والمثاني: من التثنية وهي التكريرة لأن الفاتحة مما تكرر قراءتها في الصلاة، أو في الثناء؛ لاشتمالها على ما هو ثناء على الله تعالى، الواحدة: مثناة أو مُثْنية، صفة الآية. قاله الزمخشري -رحمه الله-.
ص: وقد روي عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ما قد حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا هوذة بن خليفة، عن عوف، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال:"قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من السبع الطول، وإلى براءة وهم من المئين فقرنتم بينهما، وجعلتموها في السبع الطول ولم تكتبوا بينهما سطر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فقال عثمان - رضي الله عنه -: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينزل عليه الآية، فيقول: اجعلوها في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وتوفي رسول الله - عليه السلام - ولم أسأله عن ذلك، فخفت أن تكون منها، فقرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وجعلتهما من السبع الطول".