للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس: أن لفظ الإناء أعم من أن يكون إناء ماء، أو إناء مائع آخر، أو إناء طعام، وعن مالك: لا يغسل إلَّا إناء الطعام -وهو نص المدونة- لأنه مصون.

السادس: أن ظاهر الحديث عام في جميع الكلاب، وفي مذهب مالك أربعة أقوال: طهارته، ونجاسته، وطهارة سؤر المأذون في اتخاذه دون غيره، والرابع لابن الماجشون: يفرق بين البدوي والحضري.

ثم اختلف أصحابنا في الكلب هل هو نجس العين كالخنزير أم لا؟ والأصح أنه ليس بنجس العين كذا في "البدائع" وفي "الإيضاح": فأما عين الكلب فقد روي عن محمَّد أنه نجس، وكذا عن أبي يوسف، وبعضهم قالوا: هو طاهر؛ بدلالة طهارة جلده بالدباغ.

وقال في فصل مسائل البئر: فأما الحيوان النجس كالكلب والخنزيز والسباع ينزح كله؛ لأنه نجس في عينه، ولهذا قالوا في كلب إذا ابتل وانتضح منه على ثوب أكثر من قدر الدرهم لم تجز الصلاة فيه، وذكر في "قنية المنية" (١): الذي صح عندي من الروايات في "النوادر والأمالي" أن الكلب نجس العين عندهما، وعند أبي حنيفة ليس بنجس العين، وفائدته تظهر في كلب وقع في بئر وخرج حيّا فأصاب ثوب إنسان، ينجس الماء والثوب عندهما؛ خلافا لأبي حنيفة -رحمه الله-.

السابع: أن الظاهرية تعلقوا بظاهر ألفاظ الحديث وحكموا بأشياء مخالفة للإجماع، فقال ابن حزم: فإن أكل الكلب في الإناء ولم يلغ فيه أو أدخل رجله أو ذنبه أو وقع بكله فيه لم يلزم غسل الإناء ولا يهراق ما فيه البتة، وهو طاهر حلال كله كما كان، وكذا لَوْ وَلغَ الكلب في بقعة في الأرض أو في يد إنسان أو فيما لا يسمى إناء فلا يلزم غسل شيء من ذلك ولا يهراق ما فيه.

ص: حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الأعمش، قال: ثنا أبو صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله - عليه السلام - مثله.


(١) انظر "كشف الظنون" (٢/ ١٨٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>