خلتا من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، وقيل: ليلة خلت منه، وقال ابن إسحاق: لاثنتي عشرة ليلة خلت منه، في اليوم الذي قدم فيه المدينة، وقال عروة في مغازيه: توفي رسول الله - عليه السلام - وهو في صدر عائشة - رضي الله عنها - وفي يومها يوم الاثنين حين زاغت الشمس لهلال ربيع الأول، وعن الأوزاعي: توفي رسول الله - عليه السلام - يوم الاثنين قبل أن ينشب النهار، ويقال: توفي رسول الله - عليه السلام - حين أشتد الضحى يوم الاثنين، وقيل: عند زوال الشمس، والله أعلم.
قلت: المعنى في الحديث أنه ما صلى بعدها صلاة بالجماعة، أو ما صلى بعدها صلاة مغرب أخرى؛ لأنه - عليه السلام - لم يلحق إلى المغرب الأخرى فقبض - عليه السلام -، فافهم.
ص: فزعم قوم أنهم يأخذون بهذه الآثار ويقلدونها.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: حميدًا وعروة بن الزبير وابنه هشامًا والشافعي والظاهرية؛ فإنهم أخذوا بهذه الأحاديث المذكورة وتقلدوها وقالوا: الأحسن أن يقرأ المصلي في المغرب بالسور التي قرأها - عليه السلام - نحو الأعراف والطور والمرسلات ونحوها وقال الترمذي: ذكر عن مالك أنه كره أن يقرأ في صلاة المغرب بالسور الطوال نحو الطور والمرسلات. وقال الشافعي: لا أكره بل أستحب أن يقرأ بهذه السور في صلاة المغرب. وقال ابن حزم في "المحلى": ولو أنه قرأ في المغرب بالأعراف أو المائدة أو الطور أو المرسلات فحسن.
ص: وخالفهم في قولهم هذا أخرون، فقالوا: لا ينبغي أن يقرأ في صلاة المغرب إلا بقصار المفصل.
ش: أي خالف القوم المذكورين في قولهم الذي ذهبوا إليه جماعة آخرون، وأراد بهم: النخعي والثوري وعبد الله بن المبارك وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ومالكا وأحمد وإسحاق، فإنهم قالوا: المستحب أن يقرأ في صلاة المغرب من قصار المفصل.