للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الترمذي: وعلى هذا العمل عند أهل العلم.

والمفصل: السبع السابع، سمي به لكثرة فصوله، وهو من سورة محمَّد -وقيل: من الفتح، وقيل: من قاف- إلى آخر القرآن، وقصار المفصل من: لم يكن، إلى آخر القرآن. وأوساطه من: والسماء ذات البروج إلى: لم يكن، فافهم.

ص: وقالوا قد يحوز أن يكون يريد بقوله قرأ بالطور: قرأ ببعضها، وذلك جائز في اللغة، يقال: هذا فلان يقرأ القرآن إذا كان يقرأ منه شيئًا، ويحتمل "قرأ بالطور" قرأ بكلها، فنظرنا في ذلك هل يروى فيه شيء يدل على أحد التأويلين؟ فإذا صالح بن عبد الرحمن وابن أبي داود قد حدثانا، قالا: حدثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، عن الزهري، عن محمَّد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: "قدمت المدينة على عهد النبي - عليه السلام - لأكلمه في أسارى بدر، فانتهيت إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة المغرب، فسمعته يقول: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} (١) فكأنما صدع قلبي، فلما فرغ كلمته فيهم، فقال: شيخ، لو كان أتاني لشفعته فيهم يعني أباه مطعم بن عدي".

فهذا هشيم قد روى هذا الحديث عن الزهري، فبين القصة على وجهها، وأخبر أن الذي سمعه من النبي - عليه السلام - هو قوله -عز وجل-: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} (١) فبين هذا أن قوله في الحديث الأول: "قرأ بالطور" إنما هو ما سمعه يقرأه منها, وليس لفظ جبير إلا ما روى هشيم؛ لأنه ساق القصة على وجهها، فصار ما حكى فيها عن النبي - عليه السلام - هو قراءته {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} (١) خاصة.

وأما حديث مالك -رحمه الله-: فمختصر من هذا وكذلك حديث زيد بن ثابت في قوله لمروان: "لقد سمعت رسول الله - عليه السلام - يقرأ فيها بأطول الطول: ألمص". يجوز أن يكون ذلك على قراءته ببعضها.


(١) سورة الطور، آية: [٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>