ش: أي قال الجماعة الآخرون، وأشار به إلى الجواب عما استدل به أهل المقالة الأولى, بيانه: أن قوله: "قرأ بالطور، يحتمل أمرين: الأول: أن يكون أراد به بعض الطور، من قبل ذكر الكل دارادة الجزء، وهذا شائع ذائغ في كلام العرب، وذلك كما يقال: فلان يقرأ القرآن إذا كان يقرأ منه شيئًا، وفلان يحيى الليل إذا كان يحيى بعضه، وفلان ينفق ماله في سبيل الله إذا كان ينفق بعضه.
وأن يكون على حقيقته بأن يكون قرأ بالطور كلها فإذا كان هذا اللفظ دائرًا بين الاحتمالين وجب أن ينظر فيه هل يوجد شيء من الآثار يؤكد أحد الاحتمالين ويُعلم أن المراد أحدهما فنظرنا فيه، فوجدنا حديث جبير بن مطعم الذي رواه هشيم عن الزهري، قد دل على أن المراد من حديث جبير في الروايات السابقة هو بعض السورة؛ لأن هشيمًا بين في روايته هذه القصة على وجهها، وأخبر أن الذي سمعه جبير بن مطعم هو هذا المقدار من سورة الطور، وهو قوله:{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ}(١) خاصة، هذا الجواب أن الرواية التي رواها سعد بن إبراهيم.
عن بعض إخوته عن أبيه جبير بن مطعم.
وأما الجواب عن رواية مالك، عن الزهري، عن محمَّد بن جبير بن مطعم، عن أبيه؛ فهو أنه مختصر من حديث سعد بن إبراهيم.
وأما الجواب عن حديث زيد بن ثابت؛ فهو مثل الجواب المذكور أولًا، وهو أن يكون المراد بعض السورة كما ذكرنا، وكذلك الجواب عن حديث أم الفضل المذكور، ولم يذكر الطحاوي الجواب عنه.
قلت: فيه نظر من وجهين:
الأول: أن حديث هشيم لا يدل على المدعى؛ لأنه يجوز أن يكون انتهاء جبير بن مطعم إلى النبي - عليه السلام - وهو يقرأ:{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ}(١) وقد كان - عليه السلام - قد قرأ من أول السورة إلى هذا الموضع في غيبة جبير، وكان انتهاؤه إليه عند إنتهاء