للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلام، وعلة الحذف الفرق بين الاستهفام والخبر، فلذلك حذفت نحو {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} (١) وثبتت في {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} (٢).

واستنبط منه أحكام:

الأول: استدل به أصحابنا أن الإناء يغسل من ولوغ الكلب ثلاثًا على ما يجيء محررا عن قريب.

الثاني: أن غسل اليدين قبل الشروع في الوضوء سنة.

فإن قلت: كان ينبغي ألَّا تبقى هذه السُّنة؛ لأنهم كانوا يتوضئون من الأتوار، فلذلك أمرهم - عليه السلام - به، وأما في هذا الزمان فقد تغير ذلك.

قلت: السُنّة لما وقعت سُنة في الابتداء بقيت ودامت وإنْ لم يبق ذلك المعنى، كالرمل في الحج.

الثالث: أن قيد الليل باعتبار الغالب، وإلَّا فالحكم ليس مخصوصًا بالقيام من النوم بالليل بل المعتبر فيه الشك في نجاسة اليد، فمتي شك كُرِهَ له إدخالها في الإناء قبل غسلها، سواء قام من نوم الليل، أو من نوم النهار، أو شك في نجاستها في غير نوم، هذا مذهب الجمهور، وعن أحمد: إنْ قام من نوم الليل كُرِهَ كراهة تحريم، وإنْ قام من نوم نهار كُرِهَ كراهة تنزيه، ووافقه داود الظاهري؛ اعتمادا على لفظ المبيت.

الرابع: أن هذا النهي نهي تنزيه لا تحريم، حتى لو غمس يده لم يفسد الماء ولم يأثم الغامس، وعن الحسن البصري وإسحاق ومحمد بن جرير الطبري أنه ينجس إنْ قام من نوم الليل، وهذا ضعيف، وفي "التلويح": قال الشعبي: النائم والمستيقظ سواء، لا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها.

وذهب عامّة أهل العلم إلى أن ذلك على الاستحباب، وله أن يغمس يده في الإناء قبل غسلها وأن الماء طاهر ما لم يتيقين نجاسة يده وممن روي عنه


(١) سورة النازعات، آية: [٤٣].
(٢) سورة الأنفال، آية: [٦٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>