للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس: أن الفاء في قوله: "فإنه لا يدري" للتعليل وذلك لأنهم كانوا يستنجون بالأحجار وبلادهم حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن أن يطوف بيده على ذلك الموضع النجس أو على بَثْرة أو قذر غير ذلك.

قلت: "فيم باتت يده" كناية عن وقوعها على دبره أو ذكره أو نجاسة، وإنما ذكر بطريق الكناية تحاشيا من التصريح به، وذلك من آداب النبي - عليه السلام - ونظائر ذلك كثيرة في القرآن والحديث.

السابع: يُستفاد منه أن الماء القليل تؤثر فيه النجاسة وإنْ لم تغيره، وهذا حجة قوية لأصحابنا في نجاسة القلتين بوقوع النجاسة فيها وإنْ لم تغيره، وإلَّا لا يكون للنهي فائدة.

الثامن: يُستفاد منه استحباب غسل النجاسات ثلاثًا لأنه إذا أمر به في المتوهمة ففي المحققة أولى، ولم يرد شيء فوق الثلاث إلَّا في ولوغ الكلب، وسيجيء أنه - عليه السلام - أوجب فيه الثلاث وخيَّرَ فيما زاد.

التاسع: أن موضع الاستنجاء لا يطهر بالمسح بالأحجار بل يبقي نجسا معفوّا عنه في حق الصلاة، حتى إذا أصاب موضع المسح بلل وابتلّ به سراويله أو قميصه ينجسه.

العاشر: أن النجاسة المتوهمة يستحب فيها الغسل ولا يؤثر فيها الرش؛ فإنه - عليه السلام - قال: "حتى يفرغ عليها" وفي لفظ: "حتى يغسلها" ولم يقل: "حتى يرشها".

الحادي عشر: استحباب الأخذ بالاحتياط في باب العبادات.

الثاني عشر: أن الماء يتنجس بورود النجاسة عليه، وهذا بالإجماع، وفي العكس كذلك عندنا خلافا للشافعي، وقال النووي: وفيه دلالة أن الماء القليل إذا وردت عليه نجاسة نجسته، وإنْ قلت ولم تغيره فإنها تنجسه؛ لأن الذي يعلق باليد ولا يرى قليل جدّا، وكانت عادتهم استعمال الأواني الصغيرة التي تقصر عن القلتين بل لا تقاربها، قال القشيري: وفيه نظر عندي؛ لأن مقتضى الحديث أن

<<  <  ج: ص:  >  >>