للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلي وحده، وعلى الإِمام، لا على المأمومين فقد خالف ذلك رأي أبي هريرة - رضي الله عنه - أن ذلك على المأموم مع الإِمام، فانتفى بذلك أن يكون في ذلك حجة لأحد الفريقين على صاحبه.

ش: أي وكان من الدليل والبرهان للجماعة الآخرين على أولئك القوم المذكورين في ذلك، أي فيما استدلوا بحديثي أبي هريرة وعائشة على وجوب قراءة فاتحة الكتاب خلف الإِمام: أنه ليس فيهما دليل على أن يكون المراد هو الصلاة التي يكون وراء الإِمام، فقد يجوز أن يكون المراد بذلك هو الصلاة التي لا إمام فيها للمصلي، ويخرج من ذلك المأموم بحديث آخر، وهو ما رواه جابر - رضي الله عنه - عن النبي - عليه السلام - أنه قال: "من كان له إمام، فقراءة الأمام له قراءة" (١) فقد خص هذا الحديث عموم ذاك الحديث.

الحاصل: أن أهل المقالة الأولى قالوا: إن قوله - عليه السلام -: "كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج" عام؛ لأن لفظ "كل" إذا أضيف إلى النكرة يقتضي عموم الأفراد، فالمعنى كل واحد واحد من أفراد الصلاة لم يقرأ فيه بأم القرآن فهو خداج، فيتناول بعمومه صلاة المأموم، وأجاب أهل المقالة الثانية عن ذلك: أن هذا عام مخصوص، فخرج منه حكم المأموم، فبقي حديث أبي هريرة وعائشة مقصورين على الإِمام والمنفرد، ثم إن الطحاوي -رحمه الله-: أيد كلامه بما رواه عن أبي الدرداء، وذلك أنه قد سمع عن النبي - عليه السلام -: "في كل الصلاة قرآن؟ قال: نعم. فقال رجل من الأنصار: وجبت" أي القراءة في جميع الصلوات، فلم ينكر ذلك رسول الله - عليه السلام - عليه، ثم قال أبو الدرداء بعد ذلك من رأيه: "أُرَى أن الإِمام إذا أم القوم فقد كفاهم" أي عن


(١) أخرجه ابن ماجه في "السنن" (١/ ٢٧٧ رقم ٨٥٠)، وأحمد في "المسند" (٣/ ٣٣٩ رقم ١٤٦٨٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ١٦٠ رقم ٢٧٢٤).
وقال الحافظ في "التلخيص" (١/ ٢٣٢): مشهور من حديث جابر وله طرق عن جماعة من الصحابة وكلها معلولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>