المذهب فيها بالسنة والاستحباب، وذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن المأموم لا يترك قراءة أم القرآن على كل حال، وإليه رجع الشافعي وأكثر أصحابه. انتهى.
وقال الطبري: يقرأ المصلي بأم القرآن في كل ركعة، فإن لم يقرأ بها لم يجزه إلا مثلها من القرآن عدد آياتها وحروفها، والله أعلم.
ص: وكان من الحجة لهم عليهم في ذلك أن حديثي أبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهما - اللذين رووهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خِدَاجٌ" ليس في ذلك دليل على أنه أراد بذلك الصلاة التي تكون وراء الإِمام، فقد يجوز أن يكون أراد بذلك أن تكون الصلاة التي لا إمام فيها للمصلي، وأخرج من ذلك المأموم بقوله - عليه السلام -: "من كان له إمام فقراءة الإِمام له قراءة"، فجعل المأموم في حكم من قرأ بقراءة إمامه، وكان المأموم بذلك خارجا من قوله - عليه السلام - كل من صلى صلاة فلم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فصلاته خداج، وقد رأينا أبا الدرداء - رضي الله عنه - قد سمع من النبي - عليه السلام - في ذلك مثل هذا، فلم يكن ذلك عنده على المأموم.
كما حدثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني معاوية بن صالح (ح)
وكما حدثنا أحمد بن داود بن موسى، قال: حدثني محمَّد بن المثنى، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا معوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن أبي الدرداء:"أن رجلًا قال: يا رسول الله، في كل الصلاة قرآن؟ قال: نعم، فقال رجل من الأنصار: وجبت. قال: وقال لي أبو الدرداء: أُرَى أن الإِمام إذا أم القوم فقد كفاهم".
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذه أبو الدرداء قد سمع من النبي - عليه السلام - في كل الصلاة قرآن، فقال رجل من الأنصار: وجبت. فلم ينكر ذلك رسول الله - عليه السلام - من قول الأنصاري، ثم قال أبو الدرداء: بعدُ من رأيه ما قال، وكان ذلك عنده على من