لنفي الوهم عنهم، وإن لم يفعل ذلك تسقط أكثر الروايات؛ لأنه يلزم أن تكون أحد الراويين منسوبًا إلى غفلة أو قلة مبالاة لروايته، وكل واحد منهما مسقط لعدالته وناف لخبره، فيحتاج حينئذ إلى التوفيق، والتوفيق ها هنا بين خبري مجاهد وطاوس ما ذكره بقوله: فقد يجوز ... إلى آخره، وهو ظاهر لا يخفي.
ص: وأما حديث وائل فقد ضاده إبراهيم بما ذكره عن عبد اللهَ أنه لم يكن رأى النبي - عليه السلام - فعل ما ذكر، فعبد الله أقدم صحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفهم بأفعاله من وائل وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يليه المهاجرون ليحفظوا عنه كما حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الله بن بكر، قال: ثنا حميد، عن أنس قال:"كان رسول الله - عليه السلام - يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليحفظوا عنه".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عبد الله بن بكر ... فذكر بإسناده مثله وقال أيضًا:"ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى".
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرنا سليمان، قال:"سمعت عمارة بن عمير يحدث، عن أبي معمر، عن أبي مسعود الأنصاري قال: "كان رسول الله - عليه السلام - يقول: ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".
حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق، قالا: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن أبي جمرة، عن إياس بن قتادة، عن قيس بن عباد، قال: قال لي أبي بن كعب: قال لنا رسول الله - عليه السلام -: "كونوا في الصف الذي يليني".
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فعبد الله من أولئك الذين كانوا يقربون من رسول الله - عليه السلام - ليَعْلَموا أفعاله في الصلاة كيف هي؛ ليعلِّموا الناس ذلك، فما حكوا من ذلك فهو أولى مما جاء به من كان أبعد منه منهم في الصلاة.
فإن قالوا: ما ذكرتموه عن إبراهيم عن عبد الله غير متصل.