قلت: كل هذا لا يفهم من التركيب، والذي يقتضيه التركيب: أن يكون الضمير في أدناه راجعًا إلى القول الذي يدل عليه قوله: "إذا قال أحدكم" ومعناه: قوله ذلك -يعني ثلاث مرات- أدنى القول، وأكثره ليس له حد معلوم إلى خمس أو سبع أو تسع، أوتارًا بحسب حال المصلين والزمان، وأقله محدود بثلاث ولا ينبغي أن ينقص عنه.
ص: فذهب قوم إلى هذا فقالوا: هذا مقدار الركوع والسجود الذي لا يجزى أقل منه، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: إسحاق وداود وأحمد -في المشهور- وسائر الظاهرية؛ فإنهم قالوا: مقدار الركوع والسجود الذي لا يجزئ أقل منه هو القدر الذي أن يقول فيه: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي الأعلى كل واحد ثلاث مرات. واحتجوا في ذلك بحديث ابن مسعود المذكور، وإنما قالوا بذلك؛ لأن القول بذلك في الركوع والسجود فرض عندهم، فمن ضرورة هذا يكون فرض الركوع والسجود مقدرًا بهذا المقدار.
وفي "المغني" لابن قدامة: والمشهور عن أحمد أن تكبير الخفض والرفع، وتسبيح الركوع والسجود، وقول سمع الله لمن حمده، وربنا ولك الحمد، وقول: رب اغفر لي بين السجدتين، والتشهد الأول: واجب، وهو قول إسحاق وداود.
وقال ابن حزم في "المحلى": والتكبير للركوع فرض، وقول سبحان ربي العظيم في الركوع فرض، والتكبير لكل سجدة فرض، وقول سبحان ربي الأعلى فرض في كل سجدة، ثم قال: وبإيجاب وفرض هذا قال أحمد بن حنبل وأبو سليمان وغيرهما.
قلت: لكن الفرض عند أحمد هو أن يقول مرة واحدة، والزيادة عليها فضيلة.
قال في مغنيهم: ويقول سبحان ربي العظيم ثلاثًا وهو أدنى الكمال، وإن قال مرة واحدة أجزأه، وقال أحمد في رسالته: جاء الحديث عن الحسن البصري أنه قال: