وذكروا عن أبي حنيفة ومحمد أنهما قالا: إنها واجبة وليست بفرض، حتى قال في "الخلاصة": إنها سنة عندهما، وقالوا: لأن الركوع هو الانحناء، والسجود هو الانخفاض لغة، فتتعلق الركينة بالأدنى منهما، وقالوا أيضًا: قوله تعالى {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}(١) أمر بالركوع والسجود وهما لفظان خاصان يراد بهما الانحناء والانخفاض، فيتأدى ذلك بأدنى ما ينطبق عليه من ذلك، وافتراض الطمأنينة فيهما بخبر الواحد زيادة على مطلق النص، وهو نسخ وذا لا يجوز، وأجابوا عن الحديث الذي احتج به أبو يوسف والشافعي: أن في آخره: "وما انتقصت من ذلك فإنما ينقص من صلاتك". على ما يجيء في الحديث عن قريب؛ وأنه أطلق اسم الصلاة على التي ليست فها الطمأنينة، ولو كانت باطلة لما سماها صلاة؛ لأن الباطلة ليست بصلاة، وأيضًا وصفها بالنقص فدل أنها صحيحة ولكنها ناقصة، وكذا يأول، ويكون المراد من الحديث نفي الكمال لا نفي ذات الصلاة، فهذا ما قالوه، ولكن القول ما قال الطحاوي؛ لأنه أعلم الناس بمذاهب العلماء وخلافياتهم.
إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام
ص: واحتجوا في ذلك بما قد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يحيى بن صالح الوحاظي، قال: حدثني سليمان بن بلال، قال: حدثني شريك بن أبي نمر، عن علي بن يحيى، عن عمّه رفاعة بن رافع:"أن النبي - عليه السلام - كان جالسًا في المسجد، فدخل رجل فصلى والنبي - عليه السلام - ينظر إليه، فقال: إذا قمت في صلاتك فكبر ثم أقرأ إن كان معك قرآن فإن لم يكن معك قرآن فأحمد الله وكبر وهلل، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم قم حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم اجلس حتى تطمئن جالسًا، فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وما انتقصت من ذلك فإنما تنقصه من صلاتك".