للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاتحة آية كررها سبعًا، قال القاضي: لا يجزئه غير ذلك؛ لأن الآية منها أقرب إليها من غيرها، وكذلك إن أحسن منها أكثر من ذلك كرره بقدره، وإن عوف بعض آية لم يلزمه تكرارها وعدل إلي غيرها، ويجب أن يقرأ بعدد آياتها، وهل يعتبر أن يكون في عدد حروفها؟ فيه وجهان: أحدهما: لا يعتبر، والثاني: يلزمه ذلك، فإن لم يحسن شيئًا من القرآن ولا أمكنه التعلم قبل خروج الوقت لزمه أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولا تلزمه الزيادة على هذه، وعن بعض الشافعية: يزيد عليها كلمتين حتى يكون مقام سبع آيات ولا يصح ذلك. انتهى.

قلت: هذا كله على أصلهم أن قراءة الفاتحة فرض عندهم، وأما على أصل الحنفية: أنه يقرأ ما تيسر له من القرآن، فإن عجز عن ذلك بالكلية يدعو بما شَابَهَ ألفاظ القرآن فإن فرضنا أنه لا يقدر على إتيان شيء من الأدعية يصلي هكذا ولا يلزمه غير ذلك، وفيه بيان مقدار الركوع الذي لا بد منه، وهو أن يطمئن راكعًا.

وفي "مصنف ابن أبي شيبة" (١): ثنا وكيع، عن الأعمش، عن من سمع محمَّد بن علي يقول: "يجزئه من الركوع إذا وضع يديه على ركبتيه، ومن السجود إذا وضع جبهته على الأرض".

ثنا (٢) ابن علية، عن ابن عون، عن ابن سيرين قال: "يجزئ من الركوع إذا أمكن يديه من ركبتيه، ومن السجود إذا أمكن جبهته من الأرض".

وفيه بيان مقدار السجود الذي لا بد منه، وهو أن يطمئن جالسًا.

فإن قيل: لم يبين في هذا الحديث بعض الواجبات كالنية، والقعدة الأخيرة، وترتيب الأركان، وكذا بعض الأفعال المختلف في وجوبها كالتشهد في الأخير، والصلاة على النبي - عليه السلام -، وإصابة لفظة السلام.


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٢٢٥ رقم ٢٥٧٩).
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٢٢٥ رقم ٢٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>