للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والترمذي (١): عن محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد القطان، قال: أنا عبيد الله بن عمر، قال: أخبرني سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد ... " الحديث نحوه.

وابن ماجه (٢): عن ابن أبي شيبة، عن عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة: "أن رجلًا دخل المسجد فصلى، ورسول الله - عليه السلام - في ناحية المسجد، فجاء فسلم، فقال: وعليك فأرجع فصل فإنك لم تصل ... " الحديث.

قوله: "ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن" ينافي فرضية قراءة فاتحة الكتاب؛ إذ لو كانت فرضًا لأمره النبي - عليه السلام - بذلك، بل هو صريح في الدلالة على أن الفرض مطلق القراءة كما هو مذهب أبي حنيفة، وقال الخطابي: قوله: "ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن" ظاهره الإطلاق والتخيير، والمراد منه فاتحة الكتاب لمن أحسنها لا يجزئه غيرها، بدليل قوله: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" وهذا في الإطلاق كقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٣) ثم كان أقل ما يجزئ من الهدي معينًا معلوم المقدار ببيان السنة، وهو الشاة.

قلت: يريد الخطابي أن يتخذ لمذهبه دليلًا على حسب اختياره بكلام ينقض آخره أوله حيث اعترف أولًا أن ظاهر هذا الكلام الإطلاق والتخيير وحكم المطلق أن يجري على إطلاقه، وكيف يكون المراد منه فاتحة الكتاب وليس فيه الاحتمال.

وقوله: "وهذا في الإطلاق كقوله تعالى ... " إلى آخره فاسد؛ لأن الهدي اسم لما يهدى إلى الحرم، وهو يتناول الإبل والبقر والغنم، وأقل ما يجزئ شاة، فيكون مرادًا بالسنة بخلاف قوله: "ما تيسر معك من القرآن" فإنه ليس كذلك، فإنه يتناول كل


(١) "جامع الترمذي" (٢/ ١٠٣ رقم ٣٠٣).
(٢) "سنن ابن ماجه" (١/ ٣٣٦ رقم ١٠٦٠).
(٣) سورة البقرة، آية: [١٩٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>