للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يطلق عليه اسم القرآن، فيتناول الفاتحة وغيرها، ثم تخصيصه بالفاتحة من غير مخصص ترجيح بلا مرجح، وهو باطل، ولا يجوز أن يكون قوله: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" مخصصًا؛ لأنه ينافي معنى اليسر فينقلب الى عسر، وهو باطل.

قوله: "ثم افعل ذلك" أي ما ذكرنا من الهيئات في صلاتك كلها.

وقال الخطابي: وفيه دلالة على أن يقرأ في كل ركعة كما كان عليه أن يركع ويسجد في كل ركعة. وقال أصحاب الرأي: إن شاء أن يقرأ في الركعتين الأخريين قرأ، وإن شاء أن يسبح سبح وإن لم يقرأ فيهما شيئًا أجزأه، ورووا فيه عن علي بن أبي طالب أنه قال: "يقرأ الأولين ويسبح في الأخريين" (١) من طريق الحارث عنه، وقد تكلم الناس في الحديث قديمًا، وممن طعن فيه الشعبي ورماه بالكذب، وتركه أصحاب الصحيح، ولو صح عن عليّ - رضي الله عنه - لم يكن حجة؛ لأن جماعة من الصحابة قد خالفوه في ذلك منهم: أبو بكر وعمر وابن مسعود وعائشة - رضي الله عنهم - وغيرهم، وسنة رسول الله - عليه السلام - أولى ما اتبع، بل قد ثبت عن عليّ - رضي الله عنه - من طريق عبيد الله بن أبي رافع: "أنه كان يأمر أن يقرأ في الأولين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب" (٢).

قلت: وإن دل قوله ذلك على أن يقرأ في كل ركعة، فقد دل غيره أن القراءة في الأولين قراءة في الأخريين، بدليل ما روي عن جابر بن سمرة قال: "شكى أهل الكوفة سعدًا ... " الحديث (٣)، وفيه: "واحذف في الأخريين" أي احذف القراءة في الأخريين، وتفسيره بقولهم: أقصر الصلاة ولا أحذفها؛ كلها خلاف الظاهر، وقوله: "لأن جماعة من الصحابة قد خالفوه" غير مسلَّم؛ لأنه روي عن ابن مسعود مثله.


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٣٢٧ رقم ٣٧٤٣).
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٣٢٥ رقم ٣٧٢٦).
(٣) أخرجه البخاري (١/ ٢٦٢ رقم ٧٢٢)، ومسلم (١/ ٣٣٤ رقم ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>