قوله:"اللهم لك ركعت" يعني يا الله ركعت لأجلك، وتأخير الفعل للاختصاص، والركوع: الميلان والخرور، يقال: ركعت النخلة إذا مالت، وقد يذكر ويراد به الصلاة، من إطلاق اسم الجزء على الكل.
قوله:"وبك أمنت" أي صدقت.
قوله:"وبك أسلمت" أي انقدت وأطعت.
قوله:"خشع لك سمعي" أي خشي وخضع، وخشوع السمع والبصر والمخ والعظم والعصب كالخضوع في البدن.
فإن قيل: كيف يتصور الخشوع من هذه الأشياء؟
قلت: ذكر الخشوع وأراد به الانقياد والطاعة، فيكون هذا من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم.
فإن قيل: ما وجه تخصيص السمع والبصر من بين الحواس، وتخصيص المخ والعظم والعصب من بين سائر أجزاء البدن.
قلت: أما تخصيص السمع والبصر فلأنهما أعظم الحواس وأكثرها فعلًا وأقواها عملًا وأمسها حاجة؛ ولأن أكثر الآفات للمصلي بهما؛ فإذا خشعتا قلَّت الوساوس الشيطانية.
وأما تخصيص المخ والعظم والعصب؛ فلأن ما في أقصى قعر البدن المخ، ثم العظم ثم العصب؛ لأن المخ يمسكه العظم، والعظم يمسكه العصب، وسائر أجزاء البدن مركبة عليها، فهذه عمدُ بِنْية الحيوان وأطنابها، وأيضًا العصب خزانة الأرواح النفسانية، واللحم والشحم غادٍ ورائح، فإذا حصل الانقياد والطاعة عن هذه فالذي يتركب عليها بالطريق الأولى.