للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أما انقياد السمع فالمراد به: قبول سماع الحق والإعراض عن سماع الباطل.

وأما انقياد البصر فالمراد به: صرف نظره إلي كل ما ليس فيه حرمة والاعتبار به في المشاهدات العلوية والسفلية.

وأما انقياد المخ والعظم والعصب فالراد به: انقياد باطنه كانقياد ظاهره؛ لأن الباطن إذا لم يوافق الظاهر لا يكون انقياد الظاهر مفيدًا معتبرًا، وانقياد الباطن عبارة عن تصفيته عن دنس الشرك والنفاق وتزيينه بالإخلاص والعلم والحكمة، وترك الغل والغش والحقد والحسد والظنون والأوهام الفاسدة ونحو ذلك من الأشياء التي تخبث الباطن.

وانقياد الظاهر عبارة عن استعمال الجوارح بالعبادات كل جارحة بما تخصها من العبادة التي وضعت لها.

فإن قيل: ما وجه ارتباط قوله: "خشع لك سمعي" بما قبله، وما وجه ترك العاطف بين الجملتين.

قلت: كأن هذا وقع بيانًا لقوله: "ولك أسلمت" فلذلك ترك العاطف؛ لأن معنى لك أسلمت: انقدت وأطعت، ومعنرل خشع سمعي ... إلى آخره: الانقياد والإطاعة كما قررناه، فكأنه - عليه السلام - بين نوعي الانقياد والإطاعة بقوله: "خشع سمعي ... " إلى آخره بعد الإجمال، فقوله: "خشع سمعي وبصري" بيان الانقياد الظاهر، وقوله: "مخي وعظمي وعصبي" بيان الانقياد الباطن، فهذه الأسئلة والأجوبة لاحت لي في هذا الموضع من الفيض الإلهي والسر الرحماني، فلله المنة والحمد.

قوله: "وشق سمعه وبصره" من الشَّق بفتح الشين أي فلق وفتح، والشِّق بكسر الشين نصف الشيء، واستدل الزهري بهذا على أن الأذنين من الوجه، والجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>