للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي عياض: ذهب مالك إلى قوله - عليه السلام -: "أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء ... ". الحديث، وكره القراءة في الركوع وكره الدعاء في الركوع، وأباحه في السجود اتباعًا للحديث.

وفي "الأحكام" لابن بزيزة: وروينا عن ابن المبارك أنه قال: "إنه لَيُعْوِزني الملح للقدر، فأدعو الله به في سجودي في الصلاة".

ص: فكان من الحجة عليهم في ذلك أنهم قد جعلوا قول النبي - عليه السلام -: "أما الركوع فعظموا فيه الرب" ناسخًا لما قد تقدم من أفعاله قبل ذلك في الأحاديث الأُول، فيحتمل أن يكون أمره بالتعظيم في الركوع لما نزلت عليه {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (١) وأباح الدعاء في السجود بما أحبوا قبل أن تنزل عليهم: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (٢) فلما نزل عليه ذلك أمرهم بأن ينتهوا إليه في سجودهم -على ما في حديث عقبة- ولا يزيدون عليه، فصار ذلك ناسخًا لما قد تقدم منه قبل ذلك، كما كان الذي أمرهم به في الركوع عند نزول {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} ناسخًا لما كان منه قبل ذلك.

ش: أي فكان من الحجة على الآخرين الذين قالوا: "لا يزاد في الركوع على تعظيم الرب ... " إلى، آخره، وأراد بهذا: الجواب عما قالوا والرد عليهم.

بيانه: أن هؤلاء قد جعلوا قوله - عليه السلام -: "أما الركوع فعظموا فيه الرب" ناسخًا لما كان النبي - عليه السلام - يفعله قبل ذلك مما ذكر في الأحاديث التي مضى ذكرها في أول الباب، وذلك نحو قوله: "اللهم لك ركعت وبك آمنت ... " إلى آخره، هذا وجه استدلالهم فيما ذهبوا إليه، ومنع ذلك الطحاوي وبين وجهه حيث قال: "فيحتمل أن يكون أمره بالتعظيم في الركوع ... " إلى آخره بيانه: أن أمره - عليه السلام - بالتعظيم في الركوع بقوله: "أما الركوع فعظموا فيه الرب" يحتمل أن يكون حين نزلت عليه


(١) سورة الوا قعة، آية: [٧٤، ٩٦]، وسورة الحاقة، آية: [٥٢].
(٢) سورة الأعلى، آية: [١].

<<  <  ج: ص:  >  >>