للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (١) فيكون القائل في ركوعه: سبحان ربي العظيم معظمًا لربه في ركوعه، وكان الدعاء في السجود مباحًا لهم بأي شيء دعوا وبأي دعاء شاءوا قبل نزول قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} بقتضى ما ورد عنه - عليه السلام - في ذلك، فلما نزل عليه - صلى الله عليه وسلم - قوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (٢) أمرهم بأن يقولوا ذلك في سجودهم، ويقتصرون عليه ولا يزيدون شيئًا؛ لما في حديث عقبة بن عامر الجهني، فيصير هذا ناسخًا لما كان منه قبل ذلك مما كان يقوله ويدعو به في سجوده، كما كان الذي أمرهم به في الركوع عند نزول قوله {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} ناسخًا لما كان منه قبل ذلك، وجه النسخ في هذا قد بيناه عن قريب.

ص: فإن قال قائل: إنما كان ذلك من النبي - عليه السلام - بقرب وفاته لأن في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: كشف النبي - عليه السلام - الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر - رضي الله عنه -.

قيل له: فهل في الحديث أن تلك الصلاة هي الصلاة التي توفي رسول الله - عليه السلام - بعقبها، أو أن تلك المرضة هي مرضته التيم توفي فيها، ليس في الحديث منها شيء، فقد يجوز أن تكون هي الصلاة التي توفي بعقبها، ويجوز أن تكون صلاة غيرها وقد صح بعدها، فإن كانت هيم الصلاة التي توفي بعدها فقد يجوز أن تكون {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} نزلت عليه بعد ذلك قبل وفاته، وإن كانت تلك الصلاة متقدمة لذلك فهو أحرى يجوز أن يكون بعدها.

ش: تقرير السؤال أن يقال: إن قوله - عليه السلام -: "فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم". كان بقرب موته - عليه السلام - بدليل قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "كشف النبي - عليه السلام - الستارة ... " الحديث، فإذا كان الأمر كذلك؛ يكون هذا متأخرًا، فكيف يكون منسوخًا؟.


(١) سورة الواقعة، آية: [٧٤، ٩٦]، وسورة الحاقة، آية: [٥٢].
(٢) سورة الأعلى، آية: [١].

<<  <  ج: ص:  >  >>