وأما اليدان والركبتان والقدمان فهل يجب السجود عليهما؟ فقال الشيخ محيى الدين: فيه قولان للشافعي:
أحدهما: لا يجب لكن يستحب استحبابًا متأكدًا.
والثاني: يجب وهو الأصح، وهو الذي رجحه الشافعي، فلو أخل بعضو منها لم تصح صلاته، وإذا أوجبا لم يجب كشف القدمين والركبتين، وفي الكفين قولان للشافعي: أحدهما يجب كشفهما كالجبهة، وأصحهما لا يجب.
وفي "شرح الهدايه": السجود على اليدين والركبتين والقدمين غير واجب.
وفي "الواقعات": لو لم يضع ركبتيه على الأرض عند السجود لا يجزئه، وقال أبو الطيب: مذهب الشافعي أنه لا يجب وضع هذه الأعضاء، وهو قول عامة الفقهاء، وعند زفر وأحمد بن حنبل: يجب، وعن أحمد: في الأنف روايتان.
وفي "المغني" لابن قدامة: والسجود على جميع هذه الأعضاء واجب إلا الأنف فإن فيه خلافا كما سنذكره، وبهذا قال طاوس والشافعي -في أحد قوليه- وإسحاق، وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي- في القول الآخر: لا يجب السجود على غير الجبهة، وفي الأنف روايتان:
إحداهما: يجب السجود عليه، وهذا قول سعيد بن جبير، وإسحاق، وأبي خيثمة، وابن أبي شيبة.
والرواية الثانية: لا يجب السجود عليه، وهو قول طاوس وعطاء، وعكرمة والحسن، وابن سيرين والشافعي، وأبي ثور وصاحبي أبي حنيفة.
فإن قيل: كيف اقتصر أبو حنيفة في فرض السجود على الجبهة أو الأنف وحدها؟ والأحاديث المذكورة تدل على أن الفرض على الأعضاء السبعة كما ذهب إليه الشافعي وزفر وغيرهما ممن ذكرنا فيما مضى؟
قلت: الأمر في النص تعلق بالسجود مطلقا من غير تعيين عضو، ثم انعقد الإجماع على التقييد ببعض أعضاء الوجه، فلا يجوز تعيين غيره، ولا يجوز تقييد مطلق الكتاب بخبر الواحد، فنحمله على بيان السنة؛ عملا بالدليلين.