وقال ابن قدامة في "المغني": فإذا جلس واعتدل يكون جلوسه على رجله اليسرى وينصب اليمنى، وإذا جلس للتشهد الأخير تورك ينصب رجله اليمنى، ويجعل باطن رجله اليسرى تحت فخذه اليمنى، ويجعل إليته على الأرض، ثم قال: السنة عند إمامنا التورك في التشهد الثاني، وإليه ذهب مالك والشافعي.
وقال الشيخ محيي الدين النووي: الجلسات عند الشافعي أربع: الجلوس بين السجدتين، وجلسة الاستراحة عقيب كل ركعة يعقبها قيام، والجلسة للتشهد الأول، والجلسة للتشهد الأخير، فالجميع يسن مفترشًا إلا الأخيرة، فلو كان مسبوقا وجلس إمامه في آخر الصلاة متوركا جلس المسبوق مفترشًا؛ لأن جلوسه لا يعقبه سلام، ولو كان على المصلي سجود سهو فالأصح أن يجلس مفترشًا في تشهده، فإذا سجد سجدتي السهو تورك ثم سلم.
ص: وكان من الحجة لهم فيما احتج به عليهم الفريق الأول: أن قول عبد الله بن عمر - رضي الله عنها -: "إن سنة الصلاة ... " فذكر ما في الحديث، لا يدل ذلك أنه عن النبي - عليه السلام -، قد يجوز أن يكون رأى ذلك، أو أخذه ممن بعد رسول الله - عليه السلام -، وقد قال رسول الله - عليه السلام -: "عليكم بسنتي في وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي" وقال سعيد بن المسيب -لما سأله ربيعة عن أُروش أصابع المرأة-: إنها السنة يا ابن أخي". ولم يكن مخرج ذلك إلا من زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، فسمى سعيد قول زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: سنة، فكذلك يحتمل أن يكون عبد الله بن عمر سمي مثل ذلك أيضًا سنه، وإن لم يكن عند في ذلك عن النبي - عليه السلام - شيء.
ش: أي من الدليل والبرهان لأهل المقالة الثانية في الذي احتج به عليهم الفريق الأول، وهم أهل المقالة الأولى: حاصله أن هذا جواب عما احتج به أهل المقالة الأولى من قول عبد الله بن عمر: "إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني اليسرى".
بيانه: أن هذا القول من ابن عمر - رضي الله عنهما - لا يدل على أن المراد منه سنة النبي - عليه السلام -؛ لأنه يحتمل أن يكون عبد الله رأى ذلك برأيه واجتهاده فجعله سنة له، أو أخذه عن