قلت: تأمل الآن في هذا تجد قول سعيد بن المسيب مستخرجا من هذا، بيانه: أنه أوجب في أصبع المرأة الواحدة عشرا من الإبل مثل أصبع الرجل الواحدة، وأوجب في أصبعيها عشرين من الإبل كما في أصبعي الرجل، وأوجب في ثلاثة أصابع منها ثلاثين من الإبل كثلاثة أصابع من الرجل، وأوجب في أربعة أصابع منها عشرين من الإبل وخالف القياس المذكور؛ لأن القياس ينبغي أن يجب أربعون من الإبل كما في أربعة أصابع من الرجل، ولكنه أخذ ذلك من قول زيد بن ثابت حيث قال:"دية المرأة في الخطأ مثل دية الرجل حتى يبلغ الثلث، فما زاد فهي على النصف" وها هنا لما زادت أصابع المرأة على الثلث أوجب ديتها على نصف دية الرجل، وكانت دية الرجل في أربعة أصابع أربعين إبلا فأوجب نصفها، وهو عشرون إبلا في أربعة أصابع منها على الأصل المذكور، ألا ترى أن ربيعة لما استبعد ذلك حيث قال:"حين آلمت جراحها وعظمت مصيبتها كان الأقل لأرشها، قال سعيد بن المسيب: أعراقي أنت؟ " أراد به أنت مخالف خارج، ثم قال:"يا ابن أخي، السنة" أراد بها سنة زيد بن ثابت ومذهبه وطريقته في ذلك. والله أعلم.
ص: وفي ذلك حجة أخرى: أن عبد الله بن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - أرى القاسم الجلوس في الصلاة على ما في حديثه، وذكر عبد الرحمن بن القاسم، عن عبد الله بن عبد الله، عن أبيه لما قال له:"فإنك تفعل ذلك قال: إن رجليّ لا تحملاني" فكان معنى ذلك أنهما لو حملاني قعدت على إحداهما وأقمت الأخرى؛ لأن ذكره لهما لا يدل على أن إحداهما تستعمل دون الأخرى، ولكن تستعملان جميعا، فيقعد على إحداهما وينصب الأخرى، فهذا خلاف ما في حديث يحيى بن سعيد -رحمه الله-.
ش: أي وفيما احتج به الفريق الأول على الفريق الثاني حجة أخرى للفريق الثاني على الأول.
بيان ذلك: أن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - أرى القاسم بن محمَّد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهم - كيفية الجلوس في الصلاة على ما وصفه في حديثه، وأن عبد الرحمن بن القاسم ذكر عن عبد الله بن عبد الله لما قال له، أي لعبد الله بن