للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "إلا أن في حديث ابن عباس حرفا ... إلى آخره" استثناء من قوله: "ولا الزيادة على شيء مما فيها"، والمعنى لكن فيما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - في التشهد حرف يزيد على ما في رواية غيره، وهو لفظ: "المباركات"، على ما مر في روايته: "التحيات المباركات الصلوات الطيبات" وقد اختلفوا في الأخذ بهذه الزيادة، أشار إليه بقوله: "فقال قائلون: هو أولى من حديث غيره" أي الأخذ بحديث ابن عباس هو أولى من غيره، وعلل ذلك بقوله: "إذا كان قد زاد عليه" أي لأنه كان أي ابن عباس - رضي الله عنهما - قد زاد على حديث غيره، والزائد أولى من الناقص.

وأراد بهؤلاء القائلين: الشافعي وأصحابه؛ فإنهم ذهبوا إلى تشهد ابن عباس، وعللوا بالتعليل المذكور.

قوله: "وقال آخرون" أي جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري والنخعي وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وأحمد وأبا ثور وإسحاق وجماهير الفقهاء من التابعين وغيرهم ممن بعدهم؛ فإنهم قالوا: بل حديث ابن مسعود، وأبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري، وعبد الله بن عمر الذي رواه عنه -أي عن ابن عمر- مجاهد بن جبر المكي وعبد الله بن بابى المكي أولى، ثم بين وجه الأولوية بقوله: "لاستقامة طرقهم أي طرق أحاديث الرواة من هؤلاء، واتفاقهم على ذلك"، وإنما قيد في رواية ابن عمر بقوله: "الذي رواه عنه مجاهد وابن بابى" احترازًا عن روايته التي فيها نافع عنه، وقد مرت في أول الباب.

قوله: "ولأن أبا الزبير ... إلى آخره" إشارة إلى بيان تعليل قوله: "لاستقامة طرقهم واتفاقهم على ذلك" بيان ذلك أن الراوي حديث ابن عباس هو محمَّد بن مسلم بن تدرس أبو الزبير المكي، كما مر بيانه فيما مضى، فأبو الزبير هذا لا يكافئ أي لا يساوي ولا يعادل سليمان الأعمش، ولا منصور بن المعتمر، ولا مغيرة بن مقسم الضبي ولا أشباههم كأبي عوانة الوضاح اليشكري والأسود بن يزيد النخعي وشقيق بن سلمة وهشام الدستوائي وغيرهم، الذين رووا حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، فإن هؤلاء ممن احتج بهم الشيخان وغيرهم، ووقع الاتفاق من

<<  <  ج: ص:  >  >>