وقال أبو عمر: بتشهد ابن مسعود أخذ أكثر أهل العلم؛ لثبوت فعله عن النبي - عليه السلام -.
وقال علي بن المديني: لم يصح في التشهد إلا ما نقله أهل الكوفة عن ابن مسعود، وأهل البصرة عن أبي موسى.
وبنحوه قال ابن طاهر.
وقال النووي: أشدها صحة باتفاق المحدثين: حديث ابن مسعود، ثم حديث ابن عباس.
قلت: لأجل ذلك قال صاحب "الهداية": والأخذ بتشهد ابن مسعود أولى؛ لأن فيه الأمر، وأقله الاستحباب، و"الألف" و"اللام" وهما للاستغراق، وزيادة "الواو" وهي لتحديد الكلام كما في القسم، وتأكيد التعليم.
قلت: أما الأمر وهو قوله: "فليقل" وليس في تشهد ابن عباس في ألفاظهم الجميع إلا في لفظ النسائي: "إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا" وفي لفظ له: "قولوا في كل جلسة".
وأما "الألف" و"اللام" فإن مسلمًا وأبا داود وابن ماجه لم يذكروا تشهد ابن عباس إلا معرفًا بالألف واللام، وذكره الترمذي والنسائي منكرًا:"سلام عليك أيها النبي، سلام علينا" وكان برهان الذي اعتمد على هذه الرواية.
وأما "الواو" فليست في تشهد ابن عباس عند الجميع.
وأما التعليم فهو أيضًا في تشهد ابن عباس عند الجميع:"كان رسول الله - عليه السلام - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن" هكذا لفظ مسلم، وفي لفظ الباقين:"كما يعلمنا القرآن".
وفي تشهد ابن مسعود تراجيح أُخر منها: أن الأئمة الستة اتفقوا عليه لفظا ومعنى؛ وذلك نادر، وتشهد ابن عباس معدود في أفراد مسلم، وأعلى درجة