وقال ابن قدامة في "المغني"(١): وصفتها أن يقول: بسم الله، لا يقوم غيرها من الذكر مقامها، لأن التسمية عند الإطلاق تنصرف إلى قول:"بسم الله" بدليل التسمية المشروعة على الذبيحة والطعام وشرب الشراب.
قلت: لفظ الحديث بعمومه ينافي هذا؛ لأنه لم يقل: لمن لم يذكر لفظة الله؛ وإنما قال: لمن لم يذكر اسم الله، وأسماء الله كثيرة بخلاف الذبيحة؛ لأنهم كانوا يسمون آلهتهم عند الذبح، فيجب أن يأتي بلفظة اسم الله؛ ليكون إظهارا لمخالفيهم في ذلك.
والثالث: لفظ الحديث يدل على أن يكون ذكر اسم الله واقعا على الوضوء لقوله: "عليه" أي على الوضوء، ومعنى وقوعه عليه: أن يكون الوضوء مشمولا به، ولا يكون مشمولا به إلَّا بتقديم التسمية عليه، ولهذا قال بعضهم يسمي قبل الاستنجاء، لما أن الاستنجاء سُنَّه من سنن الوضوء، فيسمي قبله لتقع جميع أفعال الوضوء، فرضها وسننها بالتسمية.
وقال بعضهم: يسمي بعده؛ لأن قبله حال انكشاف العورة، وذكر الله تعالى حال كشف العورة غير مستحب؛ تعظيما لاسم الله تعالى كذا في مبسوط شيخ الإِسلام. وذكر في "فتاوى قاضي خان": والأصح أنه يسمي مرتين، فلو سمى في أثناء الوضوء ينبغي أن يجزئ؛ لأنه ذكر اسم الله عليه، ولو سمى بعد فراغه منه لا يجزئ ولا يكون مقيما للتسمية.
ص: حدثنا عبد الرحمن بن الجارود البغداديُّ، قال: ثنا سعيد بن كثير بن عُفير، قال: حدثني سليمان بن بلال، عن أبي ثفال المري، قال: سمعت رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان يقول: حدثتني جدتي، أنها سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول ذلك.
ش: هذا طريق آخر، وفيه أن جَدَّة رباح هي التي سمعت رسول الله - عليه السلام -.