للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي سعيد الخدري، عن النبي - عليه السلام - قال: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم".

قوله: "مفتاح الصلاة" أي الذي تفتح الصلاة به، والمفتاح مفعال من الفتح، شبه الصلاة بالخزانة المقفولة على طريق الاستعارة بالكناية، وهي التي لا يذكر فيها سوى المشبه، ثم أثبت لها المفتاح على سبيل الاستعارة الترشيحية وهي ما يقارن ما يلائم المستعار منه.

قوله: "الطهور" بفتح الطاء، وهو اسم لما يتطهر به، وهو بعمومه يتناول الماء والتراب، والظاهر أنه بضم الطاء؛ لأن المراد به الفعل.

قوله: "وإحرامها التكبير" أي إحرام الصلاة بإتيان التكبير، فكأن المصلي بالتكبير والدخول فيها صار ممنوعًا من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها، فقيل للتكبير: إحرام وتحريم؛ لمنعه المصلي من ذلك.

قوله: "وإحلالها التسليم" أي تحليل الصلاة يكون بالسلام في آخرها، فكأن المصلي يحل له ما حرم عليه فيها بالتكبير من الأقوال والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها كما يحل للمُحْرِم بالحج عند الفراغ منه ما كان حرامًا عليه.

ويستدل به على فرضية الطهارة لأجل الصلاة؛ لأن الشارع جعل الطهور مفتاحًا لها، فتكون الطهارة موقوفًا عليها، والصلاة موقوفة، فلما كان الموقوف فرضًا كان الموقوف عليه فرضًا مثله؛ لأنه شرط، والمشروط لا يوجد بدونه، واستدل به أصحابنا على فرضية تكبيرة الإحرام.

فإن قيل: هذا خبر آحاد فكيف تثبت به الفرضية؟

قلت: أصل فرضية التكبير في أول الصلاة بالنص، وهو قوله تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (١)، وقوله: {وَرَبَّكَ فَكَبِّر} (٢) غاية ما في الباب يكون الحديث


(١) سورة الأعلى، آية: [١٥].
(٢) سورة المدثر، آية: [٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>