أنا قد رأينا أن النكاح قد نهى أن يعقد على المرأة؛ وهي في عدة، وكان مَنْ عقده عليها وهي كذلك لم يكن بذلك مالكا لبضعها, ولا وجب له عليها نكاح، في شباه لذلك كثيرة يطول بذكرها الكتاب، وأمر ألا يخرج منه إلا بالطلاق الذي لا إثم فيه، وأن تكون المطلقة طاهرًا من غير جماع، وكان من طلق على غير ما أمر به من ذلك فطلق ثلاثا أو طلق امرأته حائضًا يلزمه ذلك وإن كان آثما، ويخرج بذلك الطلاق المنهي عنه من النكاح الصحيح، فكان قد بينت الأسباب التي تملك بها الأبضاع كيف هي، والأسباب التي تزول بها الأملاك عنها كيف هي، ونهوا عما خالف ذلك أو شيئًا منه، فكان من فعل ما نهي عنه من ذلك ليدخل به في النكاح لم
يدخل به فيه، فإذا فعل شيئًا منه ليخرج به من النكاح خرج به منه، فلما كان لا يدخل في الأشياء إلا من حيث أمر به من الدخول فيها، ويخرج منها من حيث أمر به من الخروج منها وبغير ذلك؛ كان كذلك النظر في الصلاة أن يكون كذلك، فيكون الدخول فيها غير واجب إلا بما أمر به من الدخول فيها، ويكون الخروج منها بما أمر به، مما يخرج به منها ومن غيى ذلك.
ش: تقرير السؤال أن يقال: لا يصح الدخول في الصلاة إلا بالتكبيرة لقوله - عليه السلام -: "تحريمها التكبير" فكذلك لا يصح الخروج منها إلا بلفظ السلام لقوله - عليه السلام -: "وتحليلها التسليم".
وتقرير الجواب ملخصا: أن الدخول في الأشياء لا يجوز إلا من حيث أمر به من الدخول فيها, ولكن الخروج منها يجوز أن يكون من حيث أمران يخرج منها، ويجوز أن يكون من غير ما أمر به أن يخرج منها، غاية ما في الباب يكون مسيئًا في ذلك، ونظير ذلك من الصور كثير، منها النكاح: فإنه نهى أن يعقد على المرأة إذا كانت في العدة، فالدخول فيه لا يصح إلا من حيث أمر به، وهو أن تكون المرأة خالية من الأزواج والموانع الشرعية، حتى إذا عقد عليها وهي في عدة لا يصير به الزوج مالكا لبضعها, ولا تثبت بذلك أمور الزوجية، ولكن الخروج في مثل هذه الصورة يجوز أن يكون من حيث أمر به أن يخرج منها ويجوز