وقوله:"وقد عارضته الأحاديث التي فيها إيجاب التشهد والتسليم" غير مسلم؛ لأن الاستدلال على فرضية السلام بقوله:"وتحليلها التسليم" غير صحيح على ما ذكرنا, ولأنه ليس فيه نفي التحليل بغير التسليم، إلا أنه خص التسليم لكونه واجبا، وبهذا يُدفع كلام البيهقي أيضًا:"وإن صح فإنما كان قبل أن يفرض التسليم"، ولأنه مجرد دعوى لا دليل عليها.
وقوله:"ولا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بظاهره ... " إلى آخره غير صحيح؛ لأن عطاء بن أبي رباح وابن المسيب والحسن البصري وقتادة ذهبوا إلى ذلك، وأخذوا بظاهره كما بيناه، وأيضًا فإن أبا يوسف ومحمدًا من أصحابنا قالا به.
وليس المراد من قوله في الحديث:"وقعد" نفس القعود بل المراد القعود قدر التشهد كما فسره في حديث روي عن عطاء عن ابن عباس كما نذكره عن قريب.
وقوله:"لأنهم قالوا: إذا طلعت الشمس ... " إلى آخره، غير صحيح أيضًا؛ لأن بطلان الصلاة في هذه الصورة عند أبي حنيفة بناء على أن الخروج من الصلاة بفعل الصلي فرض، وليس لهذا تعلق بالحديث المذكور عند أبي حنيفة، وأما أبو يوسف ومحمد فلا يريان بطلان الصلاة في هذه الصور بهذا الحديث. فافهم.
ثم الحديث الذي رواه عن إبراهيم بن منقذ وعلي بن شيبة، كلاهما عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ ... إلى آخره.
وأخرجه أبو داود (١) أيضًا: ثنا أحمد بن يونس، نا زهير، نا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادة، عن عبد الله بن عمرو:"أن رسول الله - عليه السلام - قال: إذا قضى الإِمام الصلاة وقعد فأحدث قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته، ومن كان خلفه ممن أتم الصلاة".
قوله:"إذا قضى الإِمام الصلاة" معناه إذا فرغ منها وقعد في آخرها، فأحدث قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته؛ لأنه لم يبق عليه شيء من الفرائض.