"قد رأينا القعود الأول من قام عنه حال كونه ساهيا ... إلى آخره" وهو ظاهر غني عن الشرح.
ولكن لهم أن يقولوا نحن ما نوجب الرجوع إلى القعود في الحالتين فيصح حينئذ القياس، ويمكن أن يجاب بأن الرجوع وإن لم يكن فرضًا لأجل القعود يكون فرضًا لأجل الخروج من الصلاة بالتسليمة إن كانوا يرونها فرضًا، وبغيرها إن لم يروها فرضًا، وفيه نظر لا يخفى. فافهم.
ص: فكان من الحجة عليهم للآخرين: أنه إنما أمر اللي قام من القعود الأول حتى استتم قائمًا بالمضي في قيامه، وأن لا يرجع إلى قعوده؛ لأنه قام من قعود غير فرض فدخل في قيام فرض، فلم يؤمر بترك الفرض والرجوع إلى غير الفرض، وأمر بالتمادي على الفرض حتى يتمه، وكان لو قام عن القعود الأول فلم يستتم قائمًا أمر بالعود إلى القعود؛ لأنه لما لم يستتم قائما فلم يدخل في فرض فأمر بالعود مما ليس بسنة ولا فرض إلى القعود الذي هو سنة، فكان يؤمر بالعود مما ليس بسنة ولا فريضة إلى ما هو سنة، ويؤمر بالعود من السنة إلى ما هو فريضة.
وكان الذي قام من القعود الأخير حتى استتم قائما داخلا لا في سنة ولا في فريضة، وقد قام من قعود هو سنة فأمر بالعود إليه، وترك التمادي فيما ليس سنة ولا فريضة، كما أمر اللي قام من القعود الأول الذي هو سنة فلم يستتم قائمًا فيدخل في الفريضة أن يرجع من ذلك إلى القعود الذي هو سنة، فلهذا أمر الذي قام من القعود الأخير حين استتم قائمًا بالرجوع إليه.
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذا هو النظر عندنا في هذا الباب لا ما قال الآخرون، ولكن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ذهبوا في ذلك إلى قول الذين قالوا: إن القعود الأخير مقدار التشهد من صلب الصلاة.
ش: لما أجاب عن وجه النظر والقياس الذي ذكره أولئك القوم فيما ذهبوا إليه، بَيَّنَ ها هنا وجه النظر والقياس الصحيح الذي ذكره مخالفوهم، وفي هذا أيضًا جواب