فهذا عدّها من الفضائل، وبين الفضيلة والفريضة فرق كثير.
وروي عن الواقدي: ليس ذلك مما يؤمر به؛ من شاء قال ذلك ومن شاء لم يقله، وروي عن علي بن زياد إنكارها.
وفي "المغني": ظاهر مذهب أحمد أن التسمية مسنونة في طهارات الحدث كلها، رواه جماعة من أصحابه عنه، وقال الخلال: الذي استقرت الروايات عنه: أنه لا بأس به -يعني إذا ترك التسمية- وهذا قول الثوري، ومالك، والشافعي، وأبي عُبيد، وابن المنذر، وأصحاب الرأي.
وعن أحمد رواية أخرى: أن التسمية واجبة في جميع طهارات الحدث: الوضوء، والغسل، والتيمم، وهو اختيار أبي بكر، ومذهب الحسن، وإسحاق.
ثم إذا قلنا بوجوبها فتركها عمدا لم تصح طهارته، فإن تركها سهوا صحت -وهو قول إسحاق- وإنْ ذكرها في اثناء الطهارة أتى بها، وقال أبو الفرج: إذا سمى في أثناء الوضوء أجزأ يعني على كل حال؛ لأنه قد ذكر اسم الله على الوضوء، وقال بعض أصحابنا: لا تسقط بالسهو لظاهر الحديث، وقياسا لها على سائر الواجبات، والأول أولى.
قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا نسى التسمية في الوضوء؟ قال: أرجو ألَّا يكون عليه شيء (١).
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: من لم يسم على وضوئه فقد أساء، وقد طهّره وضوئه ذلك.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: أبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالك، والشافعي، وأحمد -في أصح روايتيه- فإنهم قالوا: من لم يُسم على وضوئه جاز وضوئه، ولكنه يكون مُسيئا لتركه السُّنة.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن حضين بن المنذر أبي ساسان، عن