للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه البيهقي (١): عن أحمد بن عيسى، نا عمرو بن أبي سلمة، عن الأوزاعي، حدثني المطلب بن عبد الله فقال: "أتى ابن عمر رجل فقال: كيف أوتر؟ قال: أوتِرْ بواحدة. قال: إني أخشى أن يقول الناس إنها البتيراء. قال: أسنة الله ورسوله تريد؟ هذه سنة الله ورسوله".

وقال الذهبي: أحمد بن عيسى التنيسي الخشاب تالفٌ. انتهى.

و"البُتَيراء" على وزن فُعَيلاء وهو مصغر بَتْراء مؤنث أبتر من البَتْر وهو القطع، وقد جاء من غير تصغير في حديث زياد أنه قال في خطبته: "البَتْراء".

وإنما قيل هكذا؛ لأنه لم يذكر فيها الله -عز وجل-، ولا صلى فيها على النبي - عليه السلام -.

ومعناه الشرعي ما قاله ابن الأثير في "النهاية": البتيراء هو أن يوتر بركعة واحدة، وقيل: هو الذي شرع في ركعتين فأتم الأولى ثم قطع الثانية، ثم قال: ومنه حديث سعد: "أنه أوتر بركعة فأنكر عليه ابن مسعود وقال: ما هذه البُتَيْراء".

قلت: فدل ذلك أن ابن مسعود - رضي الله عنه - يرى أن البُتَيْراء هو الإيتار بركعة واحدة، وأما ابن عمر - رضي الله عنهما - فإنه قد فسر البتيراء نحو القول الأول.

وأخرج البيهقي (٢): عن الحاكم، قال: أنا الأصم، نا الصغاني، نا إسحاق بن إبراهيم الرازي، ثنا سلمة الأبرش، نا ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي منصور مولى سعد بن أبي وقاص قال: "سألت ابن عمر عن وتر الليل، فقال: يا بُنَي هل تعرف وتر النهار؟ قلت: نعم، المغرب. قال: صدقت، وتر الليل واحدة؛ بذلك أمر رسول الله - عليه السلام -. قلت: يا أبا عبد الرحمن، إن الناس يقولون: إن تلك البتيراء. قال: يا بني، ليس تلك البتيراء، إنما البتيراء أن يصلي الرجل الركعة التامة في ركوعها وسجودها وقيامها ثم يقوم في الأخرى ولا يتم لها ركوعًا ولا سجودًا ولا قيامًا، فتلك البتيراء".

فإن قلت: هل ورد النهي عن البتيراء؟


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٣/ ٦٢ رقم ٤٥٦٨).
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (٣/ ٢٦ رقم ٤٥٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>