للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنظرنا فيما يحتمل من ذلك؛ هل جاء شيء يدل على شيء منه بعينه؟ فإذا إبراهيم ابن مرزوق ومحمد بن سليمان الباغندي قد حدثانا، قالا: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا حُصَيْن بن نافع العَنْبرِي، عن الحسن، عن سَعْد بن هشام قال: "دخلتُ على عائشة - رضي الله عنها - فقلت: حدثيني عن صلاة رسول الله - عليه السلام -، قالت: كان النبي - عليه السلام - يصلي بالليل ثمان ركعات ويُوتر بالتاسعة، فلما بَدّنَ صلى ست ركعات وأوْتر بالسابعة وصلى ركعتين وهو جالس".

ففي هذا الحديث أنه كان يوتر بالتاسعة فذلك يَحْتَمل أن يكون يُوتِرَ بالتاسعة مع اثنتين من الثمان التيم قبلها حتى يتفق هذا الحديث وحديث زرارة ولا يتضادان.

ش: اعلم أنه قد ووي عن عائشة - رضي الله عنها - أن وتر النبي - عليه السلام - ثلاث بتسليمة واحدة وهو في رواية سعد بن هشام عنها كما مر آنفًا، وروي عنها أيضًا أحاديث في بعضها ما يناقض هذا، وأحاديث أخرى بينها تضادّ ظاهرًا, ولكن إذا كشفت معانيها تَرْجع كلها إلى معنى واحد وهو المعنى الذي يُفهم من حديث سعد بن هشام من أن الوتر ثلاث ركعات بقعدتين وتسليمة واحدة في آخره، فأشار إلى بيان ذلك بقوله: ثم قد رُوي عن عائشة - رضي الله عنها - ... إلى آخره.

فمن جملة ذلك ما رواه سعد بن هشام عنها: "أَنه - عليه السلام - كان إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين ثم صلى ثمان ركعات ثم أوتر".

أخرجه من طريق صحيح على شرط مسلم، عن صالح بن عبد الرحمن الأنصاري، عن سعيد بن منصور الخراساني شيخ مسلم وأبي داود، عن هشيم ابن بَشِير، عن أبي حُرّة -بضم الحاء المهملة- واصل بن عبد الرحمن البصري، روى له مسلم والنسائي، عن الحسن البصري، عن سعد بن هشام.

وأخرجه مسلم (١) والنسائي (٢) مقتصرا على قوله: "بركعتين خفيفتين" بهذا


(١) "صحيح مسلم" (١/ ٥٣٢ رقم ٧٦٧).
(٢) لم يعزه المزي في "الأطراف" (١١/ ٤٠٤/ ١٦٠٩ رقم ١٦٠٩٧) إلا لمسلم فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>