للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسناد بعينه، فأخبرت عائشة - رضي الله عنها - في هذا الحديث أنه - عليه السلام - كان يصلي ركعتين، ثم يصلي ثمان ركعات، ثم يوتر فقولها: "ثم يوتر" يحتمل وجهين:

الأول: ثم يوتر بثلاث ركعات منهن ركعتان من الثمان وركعة بعدها، فيكون حينئذٍ جميع ما صلى إحدى عشرة ركعة؛ ثمان ركعات تطوع، وثلاث وتر.

الثاني: ثم يوتر بثلاث ركعات متتابعات، فيكون جميع ما صلى ثلاث عشرة ركعة؛ عشر ركعات تطوع، وثلاث وتر، فبهذا الاحتمال لا يحكم بشيء بعينه إلا إذا دلّ دليل على شيء من ذلك بعينه.

فنظرنا في ذلك، فوجدنا سَعْد بن هشام أيضًا روى عن عائشة: "أنه - عليه السلام - كان يُصلي بالليل ثمان ركعات ويوتر بالتاسعة"، فهذا صريح على أنه كان يوتر بالتاسعة مع الركعتين من ثمان ركعات التي قبلها، فدلّ ذلك على أن المراد في الحديث الأول هو الاحتمال الأول؛ لأن الحديثين كليهما من رواية الحسن البصري، عن سَعْد بن هشام، وقد بيَّن أحدهما معنى الآخر.

وإنما قلنا هكذا؛ ليقع الاتفاق بين روايتي سَعْد بن هشام عن عائشة، اللتين بينهما تضاد ظاهرًا، بيانه: أن زرارة بن أوفى روى عن سَعْد بن هشام، عن عائشة، عن النبي - عليه السلام -: "أنه كان لا يسلم في ركعتي الوتر"، وأن الحسن البصريّ روى عن سعد في الروايتين المذكورتين أنه كان يصلي ثمان ركعات في إحديهما: "ثم أوتر"، وفي الأخرى: "ثم يوتر بالتاسعة" فبين قوله: "لا يسلم في ركعتي الوتر" وقوله:"ثم أوتر" تضادّ ظاهرًا؛ لأن الأول يدل على أن الثلاث متتابعات، والثاني يدل على أن الثالثة مفصولة من الركعتين، فإذا حملنا معنى قوله: "ثم أوتر" على معنى أنه أوتر بالتاسعة مع اثنتين من الثمان التي قبلها؛ يقع الاتفاق ويرتفع التضاد.

ثم إسناد حديث ابن مرزوق صحيح أيضًا، ورجاله ثقات.

ومحمد بن سليمان بن الحارث الباغندي قال الدارقطني: لا بأس به. وقال الخطيب: رواياته كلها مستقيمة. ونسبته إلى باغند قرية من قرى واسط.

<<  <  ج: ص:  >  >>