ص: وقد روي عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة - رضي الله عنها - في ذلك ما حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا هُشَيم بن بشير، قال: أنا خالد الحذاء، قال: أنا عبد الله بن شقيق قال: "سألت عائشة - رضي الله عنها - عن تطوع رسول الله - عليه السلام - بالليل، فقالت: كان إذا صلى بالناس العشاء يدخل فيصلي ركعتين، قالت: وكان يصلي من الليل تِسْع ركعات فيهن الوتر، فإذا طلع الفجر صلى ركعتين في بَيْتي ثم يخرج فيصلي بالناس صلاة الفجر".
ففي هذا الحديث أنه كان يُصلّي إذا دخل بَيْته بعد العشاء ركعتين، ومن الليل تسعًا فيهن الوتر، فذلك عندنا على تسعٍ غير الركعتين اللتين كان يخففهما على ما قال سعد عن عائشة:"أن رسول الله - عليه السلام - كان يفتتح صلاته من الليل بركعتين خفيفتين"، وإنما حملنا معنى حديث عبد الله بن شقيق على هذا المعنى ليتفق هو وحديث سَعْد بن هشام ولا يتضادان.
ش: لما كان حديث عبد الله بن شقيق يخالف ظاهر حديث سَعْد بن هشام، وكلاهما يَرْويان عن عائشة - رضي الله عنها -؛ ذكره عقيب حديث سعد ليوفِّق بينهما دفعًا للتضاد، أما بيان التضاد: فإن الذي ذكره سعد في حديثه: أن جميع ما كان يصليه - عليه السلام - ثلاث عشرة ركعة؛ لأنه كان يصلي ركعتين بعد العشاء ويتجوز بهما، ثم يصلي ركعتين أخراوين بعد قيامه من النوم، ثم يصلي ثمان ركعات ويوتر بالتاسعة، فالجملة ثلاث عشرة ركعة منها الوتر ثلاث ركعات.
والذي ذكره عبد الله بن شقيق: أنه كان إذا صلى بالناس العشاء يدخل فيصلي ركعتين، ثم كان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر، فالجملة إحدى عشرة.
وأما بيان وجه التوفيق بينهما: أن حديث عبد الله بن شقيق محمول على معنى حديث سَعْد وهو أن المراد من الركعتين اللتين كان يصليهما إذا دخل، والتسع التي كان يصليها بعدهما التي فيهن الوتر غير الركعتين الخفيفتين اللتن قد ذكرتا في حديث سعد بن هشام عن عائشة المذكور فيما مضى، فحينئذٍ يكون الجميع هنا أيضًا ثلاث عشرة ركعة؛ فتتفق الروايتان ولا تختلفان.